يَتَقَوَّلون، ويُؤلِّفُون، ويضمرون في أذْهَانِهِم، والتبييتُ: تدبير الفِعْل لَيْلاً، والذي لا يَرْضَاه اللَّه من القَوْل؛ هو أنَّ طعمة قال: أرمي اليَهُودي بأنَّه هو الَّذِي سرق الدِّرْع، وأحْلِفُ أنِّي لمْ أسْرِقْها، ويَقْبَل الرَّسُول يميني؛ [لأني] على دِينهِ، ولا يَقْبَل يَمين اليَهُودِي.
فإن قيل: لِمَ سَمَّى التَّبْييت قولاً، وهو مَعْنى في النَّفْسِ؟ .
فالجواب: أن الكلام الحَقِيقي هو المَعْنَى القَائِم بالنَّفْسِ، وعلى هذا فلا إشْكَال، ومن أنْكَر كلام النَّفْس، قال: إن طعمة وأصْحَابه أجْمَعُوا في اللَّيْل، ورَتَّبُوا كيْفِيَّة الحِيلة والمَكْر؛ فسمَّى الله - تعالى - كلامَهُم ذلك بالقَوْل المُبَيَّت الذي لا يَرْضَاه، ثم قال:{وَكَانَ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} والمُراد به: الوَعِيد؛ لأنهم وإن كانُوا يُخْفُون كَيْفيَّة المكر والخداع عن النَّاس، فإنها ظَاهِرَة في عِلْم اللَّه؛ لأنَّه - تعالى - مُحِيطٌ بجميع المَعْلُومات لا يَخْفَى عليه منها شيء.