قوله تعالى:{وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} كقوله: «مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ» ومعناه: أنهم أيقنوا أنهم لا محيص لهم عن النار أي مهرب، وهذا ابتداء كلام من الله تعالى.
قوله تعالى:{اَّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير} ... الآية لما بين تعالى من حال هؤلاء الكفار (أنهم) بعد أن كانوا مصرين على القول بإثبات الشركاء والأضداد لله في الدنيا تبرأُوا عن تلك الشركاء في الآخرة بين أن الإنسان في جميع الأوقات متغير الأحوال، فإن أحسَّ بخير وقدرة تعاظم، وإن أَحسَّ ببلاءٍ ومحنةٍ ذُلَّ. والمعنى أن الإنسان في حال الإقبال لا ينتهي إلى درجة إلا ويطلب الزيادة عليها، وفي مجال الإدبار والحِرمان يصير آيساً قناطاً. وفي قوله {فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} مُبالغةٌ من وجيهن:
أحدهما: من طريق فعول.
والثاني: من طريق التكرار.
واليأس من صفة القلب، والقنوط أن يظهر آثار اليأس في الوجه والأحوال الظاهر.
ثم بين تعالى أن الذين صار آيساً قانطاً لو عاودَتْهُ النعمة والدَّولة وهو قوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ