قوله تعالى {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات} الآية «من» شرطية وهو الظَّاهِرُ، ويجوز أن تكون موصولة، وقوله {فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} إما جواب الشَّرط، وإمَّا خبر الموصول، وشروط دخول الفاء في الخبر موجودة و {مِنكُمْ} في محلِّ نصب على الحال من فاعل {يَسْتَطِعْ} وفي نصب {طَوْلاً} ثلاثة أوْجُهٍ:
أظهرُهَا: أنَّه مفعول ب «يستطيع» وفي قوله «أنْ ينكح» على هذا ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّه في محلِّ نصبٍ ب «طولاً» على أنَّهُ مفعول بالمصدر المنون؛ لأنَّه مصدر؛ وطلت الشيء أي: نلتُهُ، والتَّقدير: ومن لم يستطع أنْ ينال نكاح المحصنات [المؤمنات] ، ومثله قول الفَرَزْدَقِ:[الكامل]
وقول الله تعالى {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا}[البلد: ١٤، ١٥] وهذا الوجه ذهب إليه الفارسي.
الثاني:{أَن يَنكِحَ} بدل من {طَوْلاً} بدل الشَّيْءِ من الشَّيْءِ؛ لأنَّ الطول هو القدرة، أو الفضل، والنِّكَاحُ قدرة وفضل.
الثَّالثُ: أنَّهُ على حذف حرف الجَرِّ، ثم اختلف هؤلاء، فمنهم مَنْ قَدَّرَهُ ب «إلى» أي: طولاً إلى أن ينكح المُحْصَنَاتِ، ومنهم من قَدَّرَهُ باللامِ أي: لأن ينكح، وعلى هذين التَّقديرين، فالجارّ في محلِّ الصِّفَةِ لطولاً، فيتعلَّق بمحذوف، ثُمَّ لما حُذِفَ حرف الجرِّ فالخلاف المشهُورُ في محل «أن» أنصبٌ هو أم جرٌّ؟ .