والثَّاني باطل؛ لانعقادِ الإجماع على أنَّ عند إلحاق الزَّيادَةِ لا يرتفعُ العقدُ الأوَّلُ، ففسد قولهم.
فصل [في استحباب قلة المهر]
اعلم أنَّهُ لا تقدير لأكثر الصّداق لقوله تعالى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً}[النساء: ٢٠] والمستحبّ أن لا يغالي فيه. قال عُمَرُ بْنُ الخطَّاب:«ألَا لَا تغالوا في صدقة النِّساء، فإنَّهَا لو كانت مُكرمَةً في الدُّنْيَا وتقوى عند اللَّهِ، لكان أولاكم بها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ما علمت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَكَحَ شيئاً من نسَائِهِ، ولا أنكح شيئاً من بناته بأكثر من اثْنَي عشر أوقية.
وعن أبِي سَلَمَةَ قال: سألتُ عَائِشَة كم كان صداق النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: كَانَ صَدَاقُهُ لأزْوَاجِهِ اثْنَتي عَشْرَةَ أوقِيةً وَنشاً وقالت: أتدري ما النشُّ؟ قلتُ: لا قالت: نصف أوقية فتلك خَمسمائة دِرهم، وَأمَّ أقل الصَّداق فذهب بعضهم إلى أنَّهُ لا تقدير فيه، بل ما جاز أنْ يكونَ مبيعاً أو ثمناً جاز أن يكون صداقاً، وهو قول ربيعةَ، وسفيانَ الثَّوريَ، والشَّافعيِّ، وأحمد وإسحاقَ.
وقال عمرُ بْنُ الخَطَّابِ:» في ثلاث قبضات مهر زينب «، وقال سعيدُ بن المسيِّبِ:» لو أصدقها سوطاً جاو «، وقال قوم: تقدر بنصاب السّرقة، وهو قول مَالِكٍ، وأبي حنيفَةَ، غير أنَّ نصاب السَّرقةِ عند مالك ثَلاثَةُ دراهِمَ، وحجَّةُ الشافعي وأحمد قوله عليه السلام» الْتَمِسْ َلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدِ، زوجتك بما معك من القرآن «، وزوّج امْرَأةً على نَعْلَيْن.
فصل [في حكم جعل القرآن ونحوه صداقاً]
قال الشافعيُّ، وأحمدُ:» يجوزُ أن يجعل تعليم القرآن صَدَاقاً للحديث «، وقال أصحابُ الرَّأي لا يجوزُ، وكذلك كلُّ عَمَلٍ يجوزُ الاستئجار عليه مثل البِنَاءِ، والخياطة وغيرهما يجوز أن يجعل صداقاً للحديث، ولقول شُعيب لموسى عليه السَّلامُ {إني أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هَاتَيْنِ على أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص: ٢٧] . وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يجعل منفعة الحرّ صداقاً.