قرأ العامة {تَسُؤْهُمْ} ، بالتأنيث؛ مراعاةً للفظ «حَسَنَةٌ» .
وقرأ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بالياء من تحت؛ لأنّ تأنيثها مجازيّ، وقياسه أن يقرأ «وَإن يصبكم سَيئةٌ» بالتذكير - أيضاً - لكن لم يبلغنا عنه في ذلك شيء.
والمس: أصله باليد، ثم يُسَمَّى كل ما يصل غلى الشيء ماسًّا، على سبيل التشبيه، يقال: فلان مسَّه العصب والنصب، قال تعالى:{وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}[ق: ٣٨] .
وقال الزمخشري: المسّ مستعار هاهنا بمعنى: الإصابة، قال تعالى:{إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ}[التوبة: ٥٠] .
والمراد بالحسنة - هنا: منفعة الدنيا، من صحة البدن، وحصول الخِصْب والغنيمة، والاستيلاء على الأعداء، وحصول الألْفَة والمحبة بين المؤمنين.
والمراد بالسيِّئَة: اضدادها، والسيئة: من ساء الشيء يَسيءُ - فهو سيِّءٌ، والأنْثَى سيئة - أي: قبح، ومنه قوله تعالى {سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ}[المائدة: ٦٦] ، والسوء ضد الحسن، وهذه الآية من تمام وَصْف المنافقين.
فصل
قال ابو العباس: وردت الحسنةُ على خمسةِ أوجُه:
الأول: بمعنى: النصر والظفَر، قال تعالى:{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ}[آل عمران: ١٢٠] أي: نَصْر وَظفَر.