لما ذكر دلائل التوحيد أتبعه بذم قوم اعترفوا بالذنب بألسنتهم ولكنهم لم يقبلوه بقلوبهم.
قال مقاتل: نزلت هذه الآية في بشر المنافق وكان قد خاصم يهودياً في أرض، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف، فإن محمداً يحيف علينا، فأنزل الله هذه الآية. وقد مضت قصتها في سورة «النساء» .
وقال الضحاك: نزلت في المغيرة بن وائل، كان بينه وبين علي بن أبي طالب أرض تقاسماها، فوقع إلى عليّ ما لا يصيبه الماء إلا بمشقة، فقال المغيرة: بعني أرضك. فباعها إياه، وتقابضا. فقيل للمغيرة: أخذت سبخة لا ينالها الماء فقال لعلي: اقبض أرضك، فإنما اشتريتها إن رضيتها، ولم أرضها. فقال علي: بل اشتريتها ورضيتها وقبضتها وعرفت حالها، لا أقبلها منك، ودعاه إلى أن يخاصمه إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال المغيرة: أما محمد فلا آتيه ولا أحاكم إليه، فإنه يبغضني، وأنا خاف أن يحيف علي، فنزلت الآية.
وقال الحسن: نزلت هذه في المنافقين الذين كانوا يظهرون الإيمان ويسرون الكفر.
فصل
المعنى:{وَيِقُولُونَ آمَنَّا بالله وبالرسول وَأَطَعْنَا} يعني: المنافقين يقولونه، «ثُمَّ يَتَوَلَّى» يعرض عن طاعة الله ورسوله {فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذلك} أي من بعد قولهم: آمَنَّا، ويدعو إلى غير حكم الله، ثم قال:{وَمَآ أولئك بالمؤمنين} .
فإن قيل: إنه تعالى حكى عن كلهم أنهم يقولون: «آمَنَّا» ثم حكى عن فريق منهم التولي، فكيف يصح أن يقول في جميعهم:{وَمَآ أولئك بالمؤمنين} مع أن المتولي فريق منهم؟
فالجواب: أن قوله: {وَمَآ أولئك بالمؤمنين} راجع إلى الذين تولوا لا إلى الجملة