ثم ذكر الدليل الذي يدفع قولهم:{ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ}[ق: ٣] فقال: {أَفَلَمْ ينظروا إِلَى السمآء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} بالكواكب، وهو نظير قوله تعالى:{أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض بِقَادِرٍ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم}[يس: ٨١] وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى}[الأحقاف: ٣٣] .
قوله:«أَفَلَمْ» الهمزة للاستفهام. واعْلَم أن همزة الاستفهام تارةً تدخل على الكلام بغير واو وتارة تدخل ومعها واو والفرق بينهما أن قولك: أَزَيدٌ فِي الدّارِ؟ بعد: وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ (يذكره للإنكار.
فإن قلت: أَوَ زَيْدٌ في الدار بعد: وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمس) يشير بالواو إلى أن قبح فعله صار بمنزلة فعلين قبيحين، لأن الواو تُنْبِئُ عن سبق أمر مغايرٍ لما بعدها وإن لم يكن هناك سابقٌ لكن تأتي بالواو زيادة في الإنكار.
فإن قيل: كيف أتى هنا بالفاء فقال: «أَفَلَمْ» وفي موضع آخر بالواو؟ {.
فالجواب: هنا سبق منهم إنكار الرجع فقال بحرف التعقيب لمخالفة ما قيلَ.
فإن قيل: ففي «يس» سبق ذلك بقوله: {قَالَ مَن يُحيِي العظام}[يس: ٧٨] ؟ .
فالجواب: بأن هناك الاستدلال بالسموات لم يعقب الإنكار بل استدل بدليلٍ آخرَ وهو قوله: {قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس: ٧٩] ثم ذكر الدليل الآخر وههنا الدليل كان عقيب إنكارهم، فذكر بالفاء.