قوله تعالى:{لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين ... } الآية لما بين حال المخلفين بعد قوله: {إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله}[الفتح: ١٠] عاد إلى بيان حال المبايعين.
قوله:{إِذْ يُبَايِعُونَكَ} منصوب ب «رَضِيَ» و «تَحْتَ الشَّجَرَة» يجوز أن يكون متعلقاً ب «يُبَايِعُونَكَ» وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من المفعول.
( «فصل»
المعنى: يبايعونك بالحديبية على أن يناجزوا قريشاً، ولا يفروا. وقوله:«تَحْتَ الشَّجَرَة» وكانت سمرة قال سعيد بن المسيب: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تحت الشجرة قال: فلما خرجنا من العام المقبل نَسِيناها فلم نقدر عليها. وروي أن عمر بن الخطاب مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال: أين؟ فجعل بعضهم يقول: ههنا، وبعضهم ههنا، فلما كثر اختلافهم قال: سيروا قد ذهبت الشجرة. وروى جابر بن عبد الله قال: «قَالَ لَنَا رسول الله صلى الله عليه سولم يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض، وكنا ألفاً وأَرْبَعَمِائةٍ ولو كنت أبصر اليوم لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَة. وروى سالم عن جابر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: لَا يَدْخُلُ النار أحَجٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) » .
فإن قيل: الفاء للتعقيب وعلم الله قبل الرضا؛ لأن علم ما في قلوبهم من الصدق فرضي عنهم فكيف يفهم التعقيب في العلم؟
فالجواب: قال ابن الخطيب: إن قوله تعالى: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} متعلق بقوله: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ} كما تقول: «فَرِحْتُ أَمس إِذْ كَلَّمت زَيْداً فَقَامَ لي، وإذْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَكْرَمِني» فيكون الفرح بعد الإكرام مرتباً كذلك ههنا قال تعالى: {لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ ... فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} من الصدق إشارة ألى أن الرضا لا يكون