أحدها: أن ذلك الخوف كان من نفرة الطبع لأنه - عليه السلام - ما شاهد مثل ذلك قط، وهذا معلوم بدلائل العقول. قال أبو القاسم الأنصاري: وذلك الخوف من أقوى الدلائل على صدقه في النبوة، لأن الساحر يعلم أن الذي أتى به تمويه فلا يخافه البتة.
وثانيها: خاف لأنه عليه السلام عرف ما لقي آدم منها.
وثالثها: أن مجرد قوله «وَلَا تَخَفْ» لا يدل على حصول الخوف كقوله: {وَلَا تُطِعِ الكافرين}[الأحزاب: ١، ٤٨] لا يدل على وجود تلك الطاعة، لكن قوله:{فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ولى مُدْبِراً}[النمل: ١٠، القصص: ٣١] يدل عليه.
فصل
قال المفسرون: كانَ علَى موسى مَدْرَعة من صوف قد خللها بعيدان. فلما قال له:«خُذْهَا» لف طرف المَدْرَعَةِ على يده، فأمره الله أن يكشف يده، فكشف. وقيل: إن مَلَكاً قال: أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدْرعة تغني عنك شيئاً؟ فقال: لا ولكني ضعيف، ومِنْ ضَعْفٍ خُلِقَتُ، فكشف يده، ثم وضعهَا في فم الحية فإذا هي عصا كما كانت، ويده في شعبتيها في الموضع الذي يضعها إذا تَوَكَّأَ. واعلم أن إدخاله يده في فم الحية من غير ضرر معجزة وانقلابها خشباً معجز آخر، وانقلاب العصا حيَّة معجز آخر، ففيها توالي معجزات المآرب التي تقدمت.
قوله
: {واضمم
يَدَكَ إلى جناحكواضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ} لا بد هنا من حذف والتقدير: واضمم يَدَك تنضم