قوله تعالى:{وَلَمَّا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ} الجارُّ قائم مقام الفاعل.
وقيل القائمُ مقامه ضميرُ المصدر الذي هو السُّقُوط أي سُقِط السقوط في أيديهم، ونقل أبو حيان عن بعضهم أنه قال:«سقط» تَتضمَّن مَفعُولاً، وهو ههنا المصدر، الذي هو الإسقاطُ كقولك:«ذُهِبَ بزيد» .
قال: وصوابه: وهو هنا ضميرُ المصدر الذي هو السُّقُوط؛ لأنَّ «سقط» ليس مصدرُهُ الإسقاط، ولأن القائمَ مقام الفاعل ضميرُ المصدر، لا المصدر، ونقل الواحديُّ عن الأزهريِّ أن قولهم:«سُقِط في يده» ؛ كقوله امرئ القيس:[الطويل]
٢٥٧٥ - دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حجراتِهِ ... ولكنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحلِ
في كون الفعل مُسْنداً للجار، كأنه قيل: صَاحَ المنتهبُ في حجراته، وكذلك المراد سُقِط في يده، أي: سقط النَّدمُ في يده.
فقوله: أي سقط النَّدم في يده، تَصْرِيحٌ بأنَّ القائمَ مقام الفاعل حرفُ الجَرّ، لا ضمير المصدرِ.
ونقل الفرَّاءُ والزَّجَّاجُ أنه يقال: سقط في يده وأسقط أيضاً، إلَاّ أنَّ الفرَّاء قال: سَقَطَ - أي الثلاثي - أكثرُ وأجودُ. وهذه اللَّفظةُ تُسْتعمَلُ في التندُّم والتحير. وقد اضْطربَتْ أقوالُ أهل اللَّغَةِ في أصلها.
فقال أبو مروان بن سراج اللُّغوي:«قولُ العرب سُقِط في يده مِمَّا أعْيَانِي معناهُ» . وقال الواحِدي: قَدْ بَانَ مِنْ أقوالِ المُفسِّرينَ وأهْلِ اللُّغةِ أنَّ «سُقِطَ في يدهِ» نَدم، وأنَّه يُسْتعملُ في صفة النّادم فأمَّا القولُ في أصلِهِ وما حَدَّه فلمْ أرِ لأحَدٍ من أئَّمةِ اللُّغةِ شَيْئاً أرْتَضِيه إلَاّ ما ذكر الزَّجَّاجي فإنَّه قال: قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ} بمعنى نَدمُوا،