قوله تعالى:{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} : قرأ الجمهور، «أنَبِّئُكُمْ» بتشديد الباء من نبأ، وقرأ إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب «أنْبِئُكُمْ» بالتخفيف من أنبأ وهما لغتان فصيحتان والمخاطب في «أنبئكم» فيه قولان:
أحدهما: وهو الذي لا يعرف أهل التفسير غيره - أن المراد به أهل الكتاب الذين تقدم ذكرهم.
والثاني: أنه للمؤمنين.
قال ابن عطية: ومشى المفسرون في هذه الآية على أن الذين أمرَ أن يقول لهم: «هل أنبئكم» هم اليهود والكفار، والمتخذون ديننا هُُزُواً ولعباً. قال ذلك الطبري، ولم يسند في ذلك [إلى] متقدم شيئاً، والآية تحتمل أن يكون القول للمؤمنين. انتهى.
فعلى كونه ضمير المؤمنين واضحٌ، وتكون «أفْعَلُ» التفضيل أعني «بِشَرّ» على بابها؛ إذ يصير التقدير: قل هل أنبئكم يا مؤمنون بشر من حال هؤلاء الفاسقين، أولئك أسلافهم الذين لعنهم الله، وتكون الإشارة بذلك إلى حالهم، كذا قدره ابن عطية، وإنما قدَّرَهُ مضافاً، وهو حال ليصح المعنى، فإن ذلك إشارة للواحد، ولو جاء من غير حذف مضاف لقيل: بشر من أولئكم بالجمع.
قال الزمخشري:«ذلك» إشارة إلى المنقوم، ولا بد من حذف مضاف قبله أو قبل «من» تقديره: بِشَرٍّ من أهل ذلك، أو دين من لعنه [الله] انتهى.
ويجوز ألَاّ يقدر مضاف محذوف لا قَبْلُ ولا بَعْدُ، وذلك على لغة من يشير للمفرد والمثنى والمجموع تذكيراً وتأنيثاً بإشارة الواحد المذكر، ويكون «ذلك» إشارة إلى الأشخاص المتقدمين الذين هم أهل الكتاب، كأنه قيل: بشرٍّ من أولئك، يعني أن السَّلف الذي لهم شرٌّ من الخَلَفِ، وعلى هذا يجيء قوله:«مَنْ لَعَنَه» مفسراً [لنفس «ذلك» وإن