لما ذَكَر -[تعالى]- ثواب من أقْدَم على الجِهَاد، أتْبَعَه بِعِقَاب من قَعَدَ عَنْهُ ورضي بالسُّكُون في دَارِ الحَرْبِ.
قوله:«توفَّاهم» يجوز أن يكون مَاضِِياً، وإنما لم تَلْحَق علامة التَّأنيث للفعل؛ لأن التأنيث مَجَازِيّ؛ ويدلُّ على كونه فعلاً مَاضِياً قِرَاءَةُ «تَوَفتهُم» بتاء التأنيث.
قال الفرَّاء: ويكون مثل قوله: {إِنَّ البقر تَشَابَهَ عَلَيْنَا}[البقرة: ٧٠] فيكون إخْبَاراً عن حَالِ أقْوَام معيَّنين، انْقَرَضُوا ومضوا ويجوز أن يَكُون مُضَارعاً حُذِفَتْ إحدى التَّاءَيْن تَخفيفاً والأصل: تتوَفَّاهُم، وعلى هذا تكُون الآيةُ عامَّة في حقِّ كلِّ من كان بهذه الصِّفَة.
و «ظَالِمي» حالٌ من ضَمِير «تَوَفَّاهُم» والإضَافة غير محضة؛ إذ الأصْل ظَالِمين أنفسُهِم؛ إلا أنَّهم لما حَذَفُوا [النُّون] طلباً للخَفة، واسْم الفَاعِل سواء أُرِيد به الحَالُ أو الاستِقْبَال، فقد يكُون مفصُولاً في المَعْنَى وإن كان مَوْصُولاً في اللَّفْظِ؛ فهو كقوله - تعالى -: {هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤] ، و {هَدْياً بَالِغَ الكعبة}[المائدة: ٩٥] ، {ثَانِيَ عِطْفِهِ}[الحج: ٩] والتقدير: مُمْطِر لَنَا وبَالِغاً للكَعْبَةِ وثانِياً عِطْفه، والإضافة في هَذِهِ المَوَاضِع لَفْظِيَّة لا مَعْنَوِيَّة.