قرأ حمزة، وعاصمٌ، وأبو عمرو بكشر الدَّال على أصل الْتِقَاءِ السَّكِنَيْنِ، والباقون بالضمن على الإتباع، ولم يبالِ بالساكن؛ لأنه حَاجِزٌ غير حصين وقد تَقَرَّرَتُ هذه القاعدة بدلائلها في سورة «البقرة» عند قوله تعالى: {فَمَنِ اضطر}[الآية: ١٧٣] و «برسلٍ» متعلّق ب «استهزئ» و «منْ قبلك» صفة ل «رسل» ، وتأويلُه ما تقدَّم في وقوع «من قبل» صلة.
والمرادُ من الآية: التَّسْلية لِقَلْبِ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أي: أن هذه الأنواع الكثيرة التي يعاملونك بها كنت موجودة في سائِر القرون.
قوله:«فحاق بالذين سخِروا» ن فاعل «حاق» : «ما كانوا» ، و «ما» يجوز أن تكون موصُولةٌ اسميةً، والعائد «الهاء» في «به» و «به» يتعلَّق ب «يستهزئون» ، و «يستهزئون» خبر ل «كان» ، و «منهم» متعلّق ب «سخروا» على أنَّ الضمير يعود على الرُّسل، قال تبارك وتعالى:{إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ}[هود: ٣٨] .
ويجوز أن يتعدَّى بالباء نحو: سَخِرْت به، ويجوز أن يتعلّق «منهم» بمحذوفٍ على أنَّهُ حالٌ من فاعل «سَخِروا» والضمير في «منهم» يعود على الساخرين.
وقال أبو البقاء:«على المستهزئين» .
وقال: الحوفي: «على أمَمِ الرسل» .
وقد رَدَّ أبو حيَّان على الحوفي بأنه يَلْزَمُ إعادته على غير مذكور.
وجوابُهُ في قوة المذكور، وردَّ على أبي البقاء بأنه يصير المعنى: فحاق بالذين سَخِرُوا كائنين من المستهزئين، فلا حَاجَة إلى هذه الحال؛ لأنها مفهومةٌ من قوله:«سخروا» وجوَّزوا أن تكون «ما» مصدريَّةً، ذكره أبو حيَّانَ ولم يتعرض للضمير في «به» .