قال الحسن: نقتدي بالمتقين ويقتدي بنا المتقون. وقال ابن عباس: اجعلنا أئمة هداة كما قال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ}[الأنبياء: ٧٣] ولا تجعلنا أئمة ضلالة، كقوله:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النار}[القصص: ٤١] . وقيل هذا من المقلوب، أي: واجعل المتقين لنا إماماً واجعلنا مؤتمين مقتدين بهم قاله مجاهد.
فصل
قيل: نزلت الآية في العشرة المبشرين بالجنة.
قال بعضهم: هذه الآية تدل على وجوب طلب الرياسة في الدين والرغبة فيها، قال إبراهيم - عليه السلام - {واجعل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخرين}[الشعراء: ٨٤] واحتج أهل السنة بهذه الآية على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى، لأن الإمامة في الدين لا تكون إلا بالعلم والعمل، والعلم والعمل إنما يكون بجعل الله وخلقه.
قال القاضي: المراد من هذا السؤال الألطاف التي إذا كثرت صاروا مختارين لهذه الأشياء فيصيرون أئمة.
والجواب: أن تلك الألطاف مفعولة لا محالة فيكون سؤالها عبثاً.
واعلم أنه تعالى لما بيَّن صفات المتقين المخلصين بيَّن بعده إحسانه إليهم.
قوله
: {أولئك
يُجْزَوْنَ الغرفة} أي: يثابون الغرفة، وهي الدرجة العالية. و «الغُرْفَة» مفعول ثان ل «يُجْزَونَ» ، والغُرْفَةُ كُلُّ بِنَاء مرتفع، والجمع غُرَفٌ.
قوله:«بِمَا صَبَرُوا» أي بِصَبْرِهم، أي: بِسَببه أو بسبب الذي صبروه، والأصل: