صبروا عليه، ثم حذف بالتدريج. والباء للسببية كما تقدم، وقيل: للبدل، كقوله:
٣٨٩٣ - فَلَيْتَ لِي بِهِمُ قَوْماً ... ... ولا حاجة إلى ذلك. وذكر الصبر ولم يذكر المصبور عنه، ليعمّ جميع أنواع المشاقّ، ولا وجه لقول من يقول: المراد الصبر على الفقر خاصة.
قوله:«وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا» قرأ الأخوان وأبو بكر بفتح الياء وسكون اللام من لَقِيَ يَلْقَى، والباقون بضمها، وفتح اللام وتشديد القاف على بنائه للمفعول، كقوله:{وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً}[الإنسان: ١١] . والتحيّة الدعاء بالتعمير، أي: بقاء دائماً، وقيل: الملك. والسلام الدعاء بالسلامة، أو يسلم بعضهم على بعض. وهذه التحيّة والسلام يمكن أن يكون من الله كقوله {سَلَامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ}[يس: ٥٨] . ويمكن أن يكون من الملائكة لقوله:{وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ}[الرعد: ٢٣ - ٢٤] . ويمكن أن يكون بعضهم على بعض.
قوله:{خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} . وصف ذلك بالدوام بقوله:«خالدين فيها» ، وقوله:{حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} أي: موضع قرار وإقامة، وهذا في مقابلة قوله:{سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}[الفرقان: ٦٦] أي: ما أسوأ ذاك وأحسن هذا.
قوله:{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} . قال مجاهد وابن زيد: أي: ما يصنع وما يفعل بكم. قال أبو عبيدة: يقال: ما عَبَأْت به شيئاً، أي: لم أُبَالِهِ، فوجوده وعدمه سواء. وقال الزجاج: معناه لا وزن لكم عندي والعبء في اللغة الثقل. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما يبالي ربكم، ويقال: ما عبأت بك، أي: ما اهتممت ولا اكترثت، ويقال: عبأت الجيش وعبأته، أي: هيأته وأعددته. قوله:«لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ»