جوابها محذوف لدلالة ما تقدم، أي: لولا دعاؤكم ما أعبأ بكم ولا أكترث، و «ما» يجوز أن تكون نافية، وهو الظاهر، وقيل: استفهام، بمعنى النفي، ولا حاجة إلى التجوز في شيء يصح أن يكون حقيقته بنفسه. و «دُعَاؤُكُمْ» يجوز أن يكون مضافاً للفاعل، أي: لولا تضرّعكم إليه، ويجوز أن يكون مضافاً للمفعول، أي: لولا دعاؤكم إيّاهُ إلى الهدى.
فصل
ومعنى هذا الدعاء وجوه:
الأول: لولا دعاؤكم إياه في الشدائد كما قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين}[العنكبوت: ٦٥] .
الثاني: لولا شكركم له على إحسانه، لقوله:{مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ}[النساء: ١٤٧] .
الثالث: لولا عبادتكم.
الرابع: لولا إيمانكم.
وقيل المعنى: ما خلقتكم وبي إليكم حاجة إلا أن تسألوني فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم.
وقيل: المعنى: قل ما يعبأ بخلقكم ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إياه، يعني أنه خلقكم لعبادته كما قال:{وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] . قاله ابن عباس ومجاهد. وقيل: معناه ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة، أو ما يفعل الله بعذابكم لولا شرككم كما قال:{مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}[النساء: ١٤٧] .
قوله:«فَقَدْ كَذَّبْتُمْ» أيها الكافرون يخاطب أهل مكة، يعني أن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه. وقرئ «فقد كذب الكافرون» قوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} أي: فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم، وهذا عقاب الآخرة،