قوله:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يا أيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} فتضمن كلامه نفي إلهيَّة غيره وإثبات إلهية نفسه، {فَأَوْقِدْ لِي ياهامان عَلَى الطين} فاطبخ لي الآجُرَّ، قيل: إنَّه أول من اتخذ الآجُرَّ وبنَى به، {فاجعل لِّي صَرْحاً} أي: قصراً عالياً. وقيل: منارة، واختلفوا في ذلك فقيل: إنه بَنَاه حتى بلغ ما لَمْ يبلغه بنيان أحد من الخلق، وإنه صَعدَ وَرَمَى بسهم وأن السهم عاد إليه ملطخاً بدم، وبعث الله جبريل عليه السلام فضربه بجناحة فقطعه ثلاث قطع، وقيل: إنه لم يَبْن الصرح لأنه يبعد في العقل أنهم بصعود الصرح يقربون من السماء مع علمهم بأنّ مَنْ عَلَا أعلى الجبال الشاهقة يرى السماء كما كان يراها وهو في قرار الأرض، ومن شكَّ في ذلك خرج عن حد العقل، وهذا القول في أنه رمى السهم إلى السماء وأن من حاول ذلك كان من الخائبين، ولا يليق بالعقل، وإنما قال ذلك على سبيل التهكم.
قوله:{لعلي أَطَّلِعُ إلى إله موسى} أنظر إليه. والطُّلوع والاطِّلاع واحد، يقال طَلَعَ الجبل واطَّلَعَ واحد، «وَإِنِّي لأَظنُّهُ» يعني موسى «من الكاذبين» في زعمه أنَّ للأرض والخلق إلهاً غيري وأنه رسوله. {واستكبر هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق} واعلم أن الاستكبار بالحق إنما هو لله تعالى، وهو المتكبر في الحقيقة، قال عليه السلام فيما حكاه عن ربه «الكِبْرِيَاءُ رِدَائِي والعَظَمَةُ إزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي واحداً مِنْهُمَا