القسم لا تدخله الفاء عند الجمهور. ويريد: بلغو القسم أن جوابه محذوف أي: وحقّ آياتِنَا لَتَغْلِبُنَّ، ثم قال:{أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون} أي: لكما ولأتباعكما الغلبة.
قوله:{فَلَمَّا جَآءَهُم موسى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ} واضحات وقد تقدم كيفية إطلاق لفظ الآيات - وهو جمع - على العصا واليد في سورة طه. {قَالُواْ مَا هاذآ إِلَاّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} مختلق، ثم ضموا إليه ما يدل على جهلهم، وهو قولهم {وَمَا سَمِعْنَا بهذا في آبَآئِنَا الأولين} أي: ما حُدِّثنا بهذا الذي تدعونا إليه.
قوله:«وقَالَ مُوسَى» هذه قراءة العامة بإثبات واو العطف، وابن كثير حذفها. وكل وافق مصحفه، فإنها ثابتة في المصاحف غير مصحف مكة؛ وإثباتها وحذفها واضحان، وهو الذي يسميه أهل البيان: الوَصْلُ والفَصْلُ. قوله {ربي أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بالهدى مِنْ عِندِهِ} بالمحق من المبطل.
قوله:«وَمَنْ تَكُونُ» قرأ العامة «تكون» بالتأنيث، و «لَهُ» خبرها، و «عَاقِبَةُ» اسمها، ويجوز أن يكون اسمها ضمير القصة، والتأنيث لأجل ذلك.
و {لَهُ عَاقِبَةُ الدار} جملة في موضع الخبر، وقرىء بالياء من تحت على أن تكون «عَاقِبَةُ» اسمها، والتذكير للفصل، ولأنه تأنيث مجازي، ويجوز أن يكون اسمها ضمير الشأن، والجملة خبر كما تقدم، ويجوزُ أن تكون تامة وفيها ضمير يرجع إلى «مَنْ» والجملة في موضع الحال، ويجوز أن تكون ناقصة واسمها ضمير «مَنْ» والجملة خبرها، والمعنى:«مَنْ يَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ» أي: العاقبة المحمودة في الدار الآخرة لقوله تعالى: {أولئك لَهُمْ عقبى الدار جَنَّاتٌ عَدْنٍ}[الرعد: ٢٢ - ٢٣] ، والمراد من الدار: الدُّنيا. وعاقبتها وعقباها أنْ يُخْتَم للعبد بالرحمة والرضوان، {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظالمون} ، أي: الكافرون.