وقيل: اللامُ المقدّرة مع «أنْ» هي لام المفعول من أجله، أي: لأجل نِكاحِهنَّ.
الوجه الثَّاني من نصب {طَوْلاً} : أن يكون مفعولاً له على حذف [مضاف] أي: ومن لم يستطع منكم لعدم طول نكاح المحصنات، وعلى هذا ف «ان ينكح» مفعول «يستطع» أي: ومن لم يستطع نكاح المُحْصَنَات لعدم الطُّوْلِ.
الوجه الثالثُ: أن يكون مَنْصُوباً على المصدر.
قال ابْنُ عَطيَّة: ويصحُّ أن يكون طَوْلاً نصباً على المَصْدَرِ، والعامِلُ فيه الاستطاعة [لأنَّهما بمعنى و {أَن يَنكِحَ} ، على هذا مفعول بالاستطاعة، أو] بالمصدر يعني أنَّ الطولَ هو الطاعة في المعنى، فَكَأنَّهُ قيل: ومن لم يستطع منكم استطاعة، والطَّوْلُ:[الفضل ومنه] التطول وهو التَّفضل قال تعالى {ذِي الطول}[غافر: ٣] ويقال: تطاولَ لهذا الشَّيءِ أي تناوله كما يقالُ: يد فلان مبسوطة، وأصل هذه الكلمة من الطُّولِ الّذي هو ضدّ القصر؛ لأنَّهُ ذَا كان طويلاً ففيه كمال وزيادة [كما أنه إذا كان قصيراً ففيه قصور ونقصان، فسمى الغنى طولاً لأنه ينال به المراد ما لا ينال عند الفقر] كما أنَّ بالطول ينال ما لا ينال بالقصر.
قال ابنُ عبَِّاس ومُجاهدٌ وسعيدُ بنُ جبيرٍ والسُّديُّ وابنُ زيدٍ، ومالكٌ:«الطَّول هو السَّعة، والغنى» قيل: والطَّوْلُ: الحرة، ومعناه: أنَّ من عنده حرَّة لا يجوز له نكاح [أمة] ، وإن عَدمَ السَّعَةَ، وخاف العَنَتَ؛ لأنَّه طالب شهوة وعنده امرأة، وهو قول أبِي حنيفَةَ [وبه قال الطَّبرِيُّ] .
وقال أبُو يُوسفَ: الطَّوْلُ هو وجود الحرَّة تحته، وقيل: الطَّوْلُ هو التَّجلد والصبر كمن احبَّ أمةً، وهويها حتَّى صار لذلك لا يستطيع أن يتزوج [عليها] غيرها، فإنَّ له أن يتزوّج الأمَةَ إذا لم يملك مهرها، وخاف أن يبغي بها، وإن كان يجد سَعَةً في المال لِنِكَاحِ حرَّةٍ. وهذا قول قَتَادَةَ والنَّخَعِيِّ وعطاءٍ، وسفيان والثَّوْرِي نقله القُرْطُبِيُّ.