للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الراغب: وقوله تعالى: {حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} [الأحقاف: ١٥] فيه تنبيهٌ على أنَّ الإنسان، إذا بلغ هذا القرار استوى خلقه الذي هو عليه، فلا يكادُ يزايله، ما أحسن ما [نبه له] الشاعر حين قال: [الطويل]

٣٠٧٤ - إذَا المَرْءُ وافَي الأرْبعينَ ولمْ يَكُنْ ... لَهُ دُونَ ما يَهْوَى حَياءُ ولا سِتْرُ

فَدعْهُ ولا تَنفِسْ عَليْهِ الَّذي مَضَى ... وإنْ جَرَّ أسَبابَ الحَياةِ لهُ العُمْرُ

والأّشدَّ: منتهى شبابه، وشدَّته، وقوَّته. قال مجاهدٌ عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: ثلاثاً وثلاثين سنة. وقال السديُّ: ثلاثين سنة وقال الضحاكُ:» عشرين سنة «وقال الكلبيُّ: ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة.

وسئل مالكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عن الأشد قال: هو الحلم، وقد تقدَّم الكلامُ على الأشد في سورة الأنعام عند قوه: {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: ١٥٢] .

قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} فالحُكْمُ: النبوةُ، والعلمُ: التفقَهُ في الدِّين، وقيل: يعني: إصابة في القول، وعلماً [بتفاصيل] الرُّؤيا. وقيل: الفرقُ بين الحكيمِ والعالمِ: أن العالم هو الذي يعلم الأشياء، والحكيمُ: الذي يَحكمُ بما يوجبه العلمُ.

قوله:» وكَذِلكَ «إمَّا نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أو حالٌ من ضمير المصدر، وتقدَّم نظائره.

{نَجْزِي المحسنين} قال ابنُ عبًّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: المؤمنين، وعنه أيضاً: المهتدين. وقال الضحاك: الصَّابرين على النَّوائب كما صبر يوسفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>