أحدها: أن أصل الكلمة من الكتب، وهو الضم والجمع، ومنه سميت الكتابة لأنها تضم النجوم بعضها إلى بعض، وتضم ماله إلى ماله.
وثانيها: مأخوذ من الكتاب، ومعناه: كتبت لك على نفسي (أن تعتق إذا وفيت بمالي وكتبت لي على نفسي) أن تفي لي بذلك، أو كتبت عليك الوفاء بالمال، وكتبت عليَّ العتق، قاله الأزهري.
وثالثها: سمي بذلك لما يقع فيه من التأجيل بالمال المعقود عليه، لأنه لا يجوز أن يقع على مال هو في يد العبد حين يكاتب، لأن ذلك مال لسيده اكتسبه في حال ما كانت يد السيد غير مقبوضة عن كسبه، فلا يجوز لهذا المعنى أن يقع هذا العقد حالاً، بل يقع مؤجلاً، ليكون متمكناً من الاكتساب. ثم من آداب الشريعة أن يكتب على من عليه المال المؤجل كتاب، فلهذا المعنى سمي هذا العقد كتاباً لما فيه من الأجل، قال تعالى:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}[الرعد: ٢٨] .
فصل
قال بعض العلماء: الكتابة أن يقول لمملوكه: كاتبتك على كذا، ويسمي مالاً معلوماً، يؤديه في نجمين أو أكثر، ويبين عدد النجوم، وما يؤدي في كل نجم، ويقول: إذا أديت ذلك المال فأنت حر، أو ينوي ذلك بقلبه، ويقول العبد: قبلت.
فإذا لم يقل بلسانه، أو لم ينو بقلبه: إذا أديت ذلك فأنت حر، لم يعتق.
وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه: لا حاجة إلى ذلك، لأن قوله تعالى:«فَكَاتِبُوهُمْ» ليس فيه شرط، فتصح الكتابة بدون هذا الشرط، وإذا صحت الكتابة وجب أن يعتق بالأداء للإجماع. واحتج الأولون بأن الكتابة ليست عقد معاوضة