للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكأن ابْنُ عَطِيَّةَ لم يحفظها قراءةً؛ فإنه قال: فأما الكسر فلا أعرفه قراءةً.

وعبارة الزجَّاج في ذلك متجوَّز فيها؛ إذْ يظهر من روح كلامه أنها قراءة وقد بينا أنها قراءة.

وقرأ أبيّ: «لا يَضْرُرْكُمْ» بالفكّ، وهي لغة الحجاز.

والكيد: المكر والاحتيال.

وقال الراغب: هو نوع من الاحتيال، وقد يكون ممدوحاً، وقد يكون مذموماً، وإن كان استعماله في المذموم أكثر.

قال ابْنُ قُتَيْبَةَ: وأصله من المشقة، من قولهم: فلان يكيد بنفسه، أي: يجود بها في غمرات الموت، ومشقاته.

ويقال: كِدْتُ فلاناً، أكيده - كبعته أبيعُه.

قال الشاعر: [الخفيف]

١٦٠٥ - مَنْ يَكِدْنِي بسَيِّءٍ كُنْتُ مِنْهُ ... كَالشَّجَى بَيْنَ حَلْقِهِ وَالْوَرِيدِ

و «شَيْئاً» منصوب نصب المصادر، أي: شيئاً من الضرر، وقد تقدم نظيره.

ومعنى الآية: أن كل من صبر على أداء أوامر الله تعالى، واتقى عما نهى الله عنه، كان في حِفْظ الله، فلا يضره كيد الكائدين، ولا حِيَلُ المحتالين.

قوله: {إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} قراءة العامة {يَعْمَلُونَ} - بالغيبة، وهي واضحة.

وقرأ الحسن بالخطاب، إما على الالتفات، والتقدير: إنه عالم، محيط بما تعملونه من الصبر والتقوى، فيفعل بكم ما أنتم أهله، وإما على إضمار: قُل لهم يا محمد.

وإنما قال: {إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} ولم يقل: إنَّ اللهَ محيط بما يعملونَ؛ لأنهم يُقدِّمون الأهم، والذي هُمْ بشأنه أعْنَى، وليس المقصود - هنا - بيان كونه تعالى عالماً، بل بيان أن جميع أعمالهم معلومة لله تعالى، ومجازيهم عليها، فلا جرم قدّم ذكر العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>