وأبي جعفر والفراء. قال النحاس: ما عَلِمْت أحداً من أهل العربية بصرياً ولا كوفياً إلا وهو يُلَحِّنُ قراءة حمزة، فمنهم من يقول: هي لحنٌ، لأنه لم يأت إلا مفعولُ واحدٌ ل «يَحْسَبن» . وقال الفراء: هو ضعيفٌ، وأجازه على حذف المفعول الثاني والتقدير:«لَا يَحْسَبن الذين كفروا أنفسهم معجزين» قال شهاب الدين: وسبب تلحينهم هذه القراءة: أنهم اعتقدوا أنَّ «الَّذِينَ» فاعل، ولم يكن في اللفظ إلا مفعولٌ واحدٌ، وهو «مُعْجِزِينَ» فلذلك قالوا ما قالوا.
والجواب عن ذلك من وجوهٍ:
أحدها: أنَّ الفاعل مضمر يعود على ما تقدم، أو على ما يفهم من السياق، كما سبق تحريره.
الثاني: أنَّ المفعول الأول محذوف تقديره: ولَا يَحْسَبن الَّذِين كفروا أنفسهم معجزين، إلاّ أن حذف أحد المفعولين ضعيف عند البصريين، ومنه قول عنترة:
أي: تظني غيره واقعاً. ولما نحا الزمخشريُّ إلى هذا الوجه قال: وأن يكون الأصل: لا يحسبنهم الذين كفروا معجزين. ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول، وكان الذي سوّغ ذلك أن الفاعل والمفعولين لما كانت لشيء واحد اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث. فقدّر المفعول الأول ضميراً متصلاً. قال أبو حيان: وقد رَدَدْنَا هذا التخريج في أواخر «آل عمران» في قوله: {لَا تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ}[آل عمران: ١٨٨] في قراءة من قرأ بالغيبة، وجعل الفاعل:«الَّذِين يَفْرَحُونَ» ، وملخصه: أنَّ هذا ليس من الضمائر التي يُفَسِّرها ما بعدها، فلا يتقدَّر «لَا يَحْسَبَنَّهُمْ» إذ لا يجوز ظنَّهُ زيدٌ