حسناً» . قال شهاب الدين: يردُّ ذلك التزامُ كون المفعولِ الثاني جملة مشتملة على استفهامٍ، وقد تقرَّر جميع ذلك في الأنعام، فعليك باعتباره ههنا.
قوله: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} قرأ ابن كثيرٍ بإثبات ياءِ المتكلِّم وصلاً ووقفاً، ونافعٌ وأبو عمرو بإثباتها وصلاً، وحذفها وقفاً، وهذه قاعدةُ من ذكر في الياءاتِ الزائدةِ على الرَّسم، والباقون بحذفها وصلاً ووقفاً، وكل هذا في حرف هذه السورة، أمَّا الذي في المنافقين [الآية: ١٠] في قوله {لولاا أخرتنيا} فأثبته الكلُّ؛ لثبوتها في الرسم الكريم.
قوله «لأحْتَنِكَنَّ» جواب القسم الموطَّأ له باللام، ومعنى «لأحْتَنِكَنَّ» لأستولينَّ عليهم استيلاء من جعل في حنكِ الدَّابة حبلاً يقودها به، فلا تأبى ولا [تشمسُ] عليه، يقال: حَنكَ فلانٌ الدَّابة، واحتنكها، أي: فعل بها ذلك، واحْتَنكَ الجرادُ الأرض: أكل نباتها، قال: [الرجز]
٣٤٣٤ - نَشْكُو إليْكَ سَنةً قَدْ أجْحَفتْ ... جَهْداً إلى جَهْدٍ بِنَا فأضْعَفتْ
واحْتَنكَتْ أمَوالنَا وجلَّفَتْ
وحكى سيبويه - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «أحْنَكُ الشَّاتينِ» ، أي: آكلهما، أي: أكثرهما [أكْلاً] .
وذكر المفسرون في الاحتناك قولين:
أحدهما: أنه عبارةٌ عن الأخذِ بالكليَّة، يقال: احتنك فلانٌ مال فلانٍ: إذا استقصاه، فأخذهُ الكلِّيَّة، واحتنك الجراد الزَّرع: إذا أكلهُ بالكليَّة.
والثاني: أنه من قول العرب: حنَّك الدابَّة يحنكها، إذا جعل في حنكها الأسفل حبلاً يقودها به.
فعلى الأوَّل معناه: لأستأصلنهم بالإغواء.
وعلى الثاني: لأقُودنَّهم إلى المعاصي، كما تقادُ الدَّابة بحبلها.
ثم قال: «إلَاّ قليلاً» وهم المعصومون الذين استثناهم الله تعالى في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢] .
فإن قيل: كيف ظنَّ إبليسُ اللَّعين هذا الظنَّ الصَّادق بذريَّة آدم - صلوات الله عليه -؟ .
قيل: فيه وجهان: