للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

وإنَّما وصفوا تلك البضاعة بأنها مزجاة إمَّا لنقصها، أو لدناءتها أو لهما جميعاً، قال بعضهم: المُزْجَاةُ القليلة. وقيلك كانت رَدِيئةً.

وقال ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما كانت دراهم رديئة لا تقبل في ثمن الطَّعام وقيل: أمتعة رديئة. وقيل: متاع الأعراب الصُّوفُ والسَّمْن. وقيل: الحبة الخضراء، وقيل: الأقط، وقيل: النعال والأدم، وقيل: سويق المقل.

وقيل: إنَّ الدَّراهم كانت منوقشة عليها صورة يوسف، والدَّراهم الَّتي جاؤا بها، ما كان فيها صورة يوسف.

وإنَّما سيمت البضاعة القليلة الرَّديئة مزجاة، قال الزجاج: من قولهم: فلانٌ يزْجِي العَيْشَ، أي: يدفع الزَّمان بالقليلِ، أي: إنَّا جئنا ببضاعة مزجاة ندافع بها الزَّمان، وليست مما ينتفعُ بها، وعلى هذا فالتقديرُ ببضاعة مزجاةٍ ندافع بها الأيام.

قال أبو عبيد: إنَّما قيل للدَّراهم الرّّديئةِ مزجاة؛ لأنَّها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممَّن ينفقها، قال: وهي من الإزجاء، والإزجاء عند العرب: الدَّفعُ.

وقيل: مزجاة، أي: مؤخرة مدفوعة عن الإنفاقِ لا يقبل مثلها إلَاّ من اضطر، واحتاج إليها لفقد غيرها ممَّا هو أجود مها.

وقال الكلبيُّ: «مزجاة لغة العجم، وقيل: هي من لفظ القِبْطِ» .

قال ابن الأنباريي: لا ينبغي أن يجعل لفظ عربي معروف الاشتقاق منسوباً إلى القبط.

وقرأ حمزة والكسائي: «مُزْجَاةٍ» بالإمالة؛ لأن اصله الياء، والباقون بالفتح والتفخيم.

ثمَّ لما وصفوا شدَّة حالهم، ووصفوا بضاعتهم بأنها مزجاة قالوا له: «فأوْفِ لنَا الكيْلَ: يجوز أن يراد به حقيقة من الآلة، وأن يراد به الكيل، فيكون مصدراً، والمعنى إنَّا نريدٌ أن نقيم النَّاقص مقام الزَّائد أو نقيم الرَّديء مقام الجيِّد.

{وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ} : أي تفضل علينا بما بين الثمنين الجيّد، والرَّديء، وسامحنا ولا تنقصنا.

وقال ابن جريج، والضحاك، أي: تصدَّق علينا بردِّّ أخينا لنا: {إِنَّ الله يَجْزِي المتصدقين} يثيب المتصدقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>