وقال أبو أمامةُ: هم الحرورية بالشام.
وقال عبد الله بن شداد: وقف أبو أمامة - وأنا معه - على رؤوس الحرورية بالشام فقال: كلاب النار كانوا مؤمنين، فكفروا بعد إيمانهم، ثُمَّ قرأ: {وَلَا تَكُونُواْ كالذين تَفَرَّقُواْ واختلفوا} الآية.
وروى عمر بن الخطاب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:» مَنْ سرَّه بَحْبُوحَةُ الجَنَّةِ فَعَلَيْهِ بِالْجَمَاعَةِ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الواحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاثْنينِ أبْعَدُ «.
وذكر الفعلَ في قوله: {وجَآءَهُمُ البينات} للفصل ولكونه غيرَ حقيقيِّ؛ لأنه بمعنى الدلائل.
وقيل: لجواز حذف علامة التأنيث من الفعل - إذا كان فعل المؤنث متقدِّماً.
والتفرق والافتراق واحد، ملا رَوَى أبو برزة - في حديث بيع الفرس -، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» البَيْعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَإنِّي لأرَاكُما قَدِ افْتَرَقْتُمَا «فجعل التفرُّقَ والافتراقَ بمعنًى واحدٍ، وهو أعلم بلغة الصحابة، وبكلام النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
قال القرطبي: وأهل اللغة فرَّقوا بين فَرَقْت - مخففاً - وفرَّقت مشدداً، فجعلوه - بالتخفيف - في الكلام، وبالتثقيل في الأبدان» .
قال ثعلب: «أخبَرَني ابن الأعرابيّ، قال: يقال: فرَقْتُ بين الكلامين - مخففاً - فافترقا، وفرَّقْت بين الاثنين بالتشديد فتفرقا» . فجعل الافتراق في القول، والتفرق في الأبدان، وكلام أبي برزة يرد هذا.
وقال بعضهم: {تَفَرَّقُواْ واختلفوا} معناهما مختلف.
فقيل: تفرقوا بالعداوة، واختلفوا في الدين.
وقيل: تفرقوا بسبب استخراج التأويلاتِ الفاسدةِ لتلك النصوصِ، واختلفوا في أن حاول كلُّ واحدٍ منهم نُصْرَةَ مَذْهَبِهِ.
وقيل: تفرقوا بأبدانهم - بأن صار كل واحد من أولئك الأخيار رئيساً في بلدٍ.
قوله: {وأولئك لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} يعني: بسبب تفرُّقهم.