قوله:{كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} يغنون: بمعنى يقيمون يقال: غَنِي بالمكان يَغْنى فيه أي: أقام دهراً طويلاً، والمغاني المنازل التي كانوا فيها واحدها مغنى، وقيَّده بعضهم بالإقامة في عيش رغد، فهو أخصُّ من مطلق الإقامة؛ قال الأسَودُ بْنُ يَعْفُرَ:[الكامل]
وقدّر الراغب غني بمعنى الإقامة بالمكان إلى معنى الغنى الذي هو ضد الفقر فقال: {وغني ي مكان كذا إذا طال مقامه فيه مُسْتَغْنِياً به عن غيره «.
قوله:{الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الخاسرين} كرر قوله: {الذين كذبوا شعيباً} تعظيماً لذمهم وتعظيماً لما يستحقون من الجزاء، والعرب تكرر مثل هذا في التعظيم والتفخيم، فيقول الرجل لغيره:» أخوك الذي ظلمنا، أخوك الذي أخذ أموالنا، أخوك الذي هنا أعرضانا «، ولمَّا قال القوم:{لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون} بيَّن الله - تعالى - أن الذين لم يتبعوه وخافوه هم الخاسرون، وقد تقدم الكلام على قوله:» فتولّى عنهم «في أن التولي بعد نزول العذاب أو قبله.