لما بين الركوب والأكل ذكر غير ذلك فقال:{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ} فالمراد بالمافع أصوافها وأوبارها وأشعراها ونسلها وبالمشارب ألبانها، والمَشَارِب جمع مَشْرب بالفتح مصدراً ومكاناً ثم قال:{أَفَلَا يَشْكُرُونَ} ربِّ هذه النعم {واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً} إشارة إلى باين زياة ضلالهم لأنه كان الواجب عليهم عبادة الله شكراً لأنْعُمِهِ فتركوها، وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع {لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} أي لمنعهم من عذاب الله ولا يكون ذلك والضمير في قوله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ} إما للآلهة وإما لعابديها وكذلك الضمائر بعده قال ابن عباس: لا تَقْدر الأصنام على نصرهم ومَنْعِهم من العذاب {وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مٌّحْضَرُونَ} أي الكفار جند للأصنام فيغضبون لها وحضرونها في الدنيا وهي لاس تسوق لهم خيراً ولا تستطيع لهم نصراً، وقيل: هذا في الآخرة يؤتى بكل معبود من دون الله ومعه أبتاعه الذين عبدوه كأنه جند (هـ) يحضرون في النار. وهذا إشارة إلى الحَشْر بعد تقرير التوحيد. وهذا كقوله تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء: ٩٨] وقوله: {احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله فاهدوهم إلى صِرَاطِ الجحيم}[الصافات: ٢٢ - ٢٣] .
قوله:{فَلَا يَحْزُنكَ} قد تقدم قراءة «يَحْزُن» و «يُحْزِن»«قَوْلُهُمْ» يعني قول الكفار في تكذيبك وهذا إشارة إلى الرسالة لأن الخطاب معه بما يوجب تسلية قلبه {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} ما يسرون في ضمائرهم وما يعلنون من عبادة الأصنام أو ما يعلنون بألسنتهم من الأذى.