ويقال: أنزف أيضاً أي نَفِذَ شَرَبُهُ. وأما الثانية فمن نزف أيضاً بالمعنى المتقدم وقيل هو من قولهم: نَزَفتِ الرَّكِيَّةُ أي نَزَحَتْ ماءها. والمعنى أنهم لا تذهب خمورهم بل هي باقية أبداً، وضمن يَنْزِفُونَ معنى يصدون عنها بسبب النَّزِيفِ.
وأما القراءاتان الأخيرتان فيقال: نَزِف الرجلُ ونَزُفَ بالكسر والضم بمعنى ذهب عقله بالسّكر، ولما ذكر تعالى صفة مشروبهم ذكر عقيبه صفة منكوحهم فقال:«وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ»«قاصرات الطرف» يجوز أن يكون من باب الصّفة المشبهة أي قاصراتٌ أطرافُهن كمُنْطَلِقُ اللّسانِ، وأن يكون من باب إطلاق اسم الفاعل على أصله فعلى الأول المضاف إليه مرفوع المحل وعلى الثاني منصوبه أي قَصَرْنَ أطْرَافَهُنَّ على أزواجهن. وهو مدح عظيم قال امرؤ القيس:
ومعنى القصر في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى:{مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام}[الرحمن: ٧٢] والمعنى أنهن يَحْبسْنَ نظرهُنَّ ولا ينظرن إلى غير أزواجهن، والعِينُ جمع عَيْنَاءَ وهي الواسعة العينين والذَّكَرُ أعْيَنُ قال الزجاج كِبَارُ الأعْين حِسَانُها يقال رَجُلٌ أَعَيْنُ، وامرأة عَيْنَاهُ، ورجالٌ ونِسَاءٌ عِينٌ.
قوله:{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} والبيضُ جمع بَيْضَة وهو معروف والمراد به هنا بيض