مرتب على ذلك النداء والحكم المرتب على الوصف المناسب يقتضي كونه معلّلاً به وهذا يدل على أن النداء بالإخلاص سبب لحصول الإجابة ثم إنه تعالى لما بين أنه نعم المجيب بين أن الإنعام حصل في تلك الإجابة بقوله:{وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم} والكرب: هو الخوف الحاصل من الغَرَقِ والكَرْب الحاصل من أذى قومه {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين} وذلك يفيد الحصر وذلك يدل على أن كل من سواه وسوى ذريته فقد فَنَوْا، قال ابن عباس: ذريته بنوه الثلاثة سام وحام ويافث. فسام أبو العرب وفارس وحام أبو السودان ويافث أبو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج قال ابن عباس: لما خرج نوح من السفينة مات من كان معه من الرجال والنساء وإلا ولدَه ونسَاءَهُمْ.
قوله:{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} أي أبقينا له ثناءً حَسَناً وذكراً جميلاً فيمن بعده من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة.
قوله:{سَلَامٌ على نُوحٍ} مبتدأ وخبر، وفيه أوجه:
أحدهما: أنه مفسر «لِتَرَكْنَا» .
والثاني: أنه مفسر لمفعوله، أي تركنا عليه ثناءً وهو هذا الكلام وقيل: ثَمَّ قول مقدر أي فَقُلْنَا سلامٌ.
وقيل: ضمن تركنا معنى قلنا، وقيل: سلط «تركنا» على ما بعده قال الزمخشري: وتركنا عليه في الآخرين «هذه الكلمة» وهي «سَلَامٌ عَلَى نَوح» يعني يسلمون عليه تسليماً ويَدْعُونَ لَهُ، وهو من الكلام المحكيِّ كقولك:«قَرَأتُ سورة أَنْزَلْنَاهَا» .