يقال: ألَامَ فلانٌ أي فعل ما يلام عليه، وقوله {وَهُو مُلِيمٌ} حال. وقرئ «مَلِيمٌ» بفتح الميم من لَامَ يَلُومُ وهي شاذة جداً، إذا كان قياسها «مَلُومٌ» ؛ لأنها من ذوات الواو كَمقُولٍ ومَصُوبٍ. قيل: ولكن أخذت من ليم على كذا مبنياً للمفعول ومثله في ذلك: شِيب الشيءُ فهوم مَشيبٌ ودُعِيَ فهو مُدْعِيٌّ والقياس مَشُوبٌ وَمدعوٌّ لأنهما من يَشوب ويَدْعُو.
فصل
روى ابن عباس أن يونس - عليه (الصلاة و) السلام - كان يسكن مع قومه فِلَسْطِينَ فَغَزَاهُمْ ملكٌ وسَبَى منهم تسعة أسباط ونصف وبقي سبطان ونصف وكان قد أوحي إلى بني إسرائيل إذا أسركم عدوّكم (أ) وأصابتكم مصبة فادعوني أستجب لكم فلما نسوا ذلك وأسروا أوحى الله تعالى بعد حين إلى نبيٍّ من أنبيائهم أنْ اذْهَبْ ألى ملك هؤلاء الأقوام وقل لهم يبعث إلى بني إسرائيل نبياً اختار يُونُسَ - عليه (الصلاة و) السلام - لقوته وأمانته، قال يونس: الله أمرك بهذا؟ قال: لا ولكن امرت أن أبْعَثُ قوياً أميناً وأنت كذلك فقال يونس: وفي بني إسرائيل من هو أقوى مني فلم لا تبعه؟ فألح الملك عليه فغضب يونُس منه وخرج حتى أتى بَحْر الروم فوجد سفينةً مشحونةً فحملوه فيها، فلما أشرف على لُدَّة البحر أشرفوا عل الغرق. فقال الملاحون إن فيكم عاصايً وإلاّ لم يحصل في السفية ما نراه وقال خيرٌ من غَرَقِ الكل فخرج من بينهم يونس فقال يا هؤلاء: أنا العاصي وتلفّف في كساء ورمى بنفسه فالتقمه الحُوتُ وأوحى الله إلى الحوت: لا تكسر منه عظماً ولا تقطَعْ له وصلاً ثم إن السمكة خرجت