بالرد على هذين الوجهين: فقال: «فإن قلت: بم انتصب إذ؟ قلت: لا يخلوا إما أن ينتصب» بأتَاكَ «أو» بالنَّبَأ «أو بمحذوف فلا يسوغ انتصابه بأَتَاك لأن إتيان النبأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يقع إلا في عهده لا في عهد داودَ فلا يصح إتيانه رسولَ الله - صلى اله عليه وسلم - وإن أرادت بالنبأ القصة في نفسها لم يكن نصاباً، فبقي أن يكون منصوباً بمحذوف تقديره: وهَلْ أَيَاكَ نَبَأُ تَحَاكُمِ الخَصْمِ إذْ» فاختار أن يكون معمولاً لمحذوف.
الرابع: أن ينتصب بالخصم؛ لما فيه من معنى الفِعْل.
قوله:«إذْ دَخَلُوا» فيه وجهان:
أحدهما: أنه بدل من «إذ» الأُولَى.
الثاني: أنه منصوب بتَسَوَّرُوا.
ومعنى تسوروا عَلَوْ أَعْلَى السّور، وهو الحائط غير مهموز كقولك: تَسَنَّم البَغِيرَ أي بَلَغَ سَنَامَهُ. والضمير في «تَسَوَّرُوا» و «دَخَلُوا» راجع على الخصم، أنه جمع في المعنى على ما تقدم، (أو على أنه مثنًّى والمثنى جمع في المعنى وتقدم) تحقيقه.
قوله:{خَصْمَانِ} خبر مبتدأ مضمر أي نَحْنُ خَصْمَانِ ولذلك جاء بقوله: {بَعْضُنَا} ، ومن قرأ «بعضهم» بالغيبة يجوز أن يقدره كذلك ويكون قد راعى لقظ: خَصْمَان، ويجوز أن يقدرهم خَصْمَان ليتطابق وروي عن الكسائي خِصْمَانِ بكسر الخَاء وقد تقدم أنه قرأها كذلك في الحَجِّ.
قوله:{بغى بَعْضُنَا} جملة يجوز أن تكون مفسِّرة لحالهم، وأن تكون خبراً ثانياً.
فإن قيل: كيف قالا: بغى بعضنا على بعض وهما مَلَكَان - على قول بعضهم -