للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«لَا تَذْكُرُوا مَوْتَاكُمْ إِلَاّ بِخَيْر» ثم على تقدير أنَّا لا نلتفت إلى شيء من هده الدلائل إلَاّ أَنَّا نقول: إنَّ من المعلوم بالضرورة أن بتقدير أن تكون القصة التي ذكرتموها في حقه صحيحةً فإن روياتها وذكرها لا يوجب شيئاً مِنَ الثواب، لأن إشاعة الفاحشة إن لم توجب العقاب فلا أقل من ألَاّ توجب الثواب. وأما بتقدير أن تكون هذه القصة باطلة فاسدة فإن ذكرها مستحق به أعظم العقاب، والواقعة التي هذا شأنها وصفتها فإنَّ صريح العقل يوجب السكوت عنها فثبت أن الحق ما ذهبنا إليه، وأن شرح تلك القصة محرم محظور، فلما سمع ذلك الملك الشديد هذا الكلام سكت ولم يذكر شيئاً.

السابع: أن ذكر هذه القصة وذكر قصة يوسف - عليه (الصلاة و) السلام - يقتضي إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.

الثامن: لو سعى داودُ في قتل ذلك الرجل دخل تحت قوله: «مَنْ سَعَى فِي دَمِ المرىءٍ مُسْلِم وَلَوْ بِشَكْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» . وأيضاً لو فعل ذلك لكان ظالماً وكان يدخل تحت قوله: {أَلَا لَعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} [هود: ١٨] .

التاسع: عن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب قال: مَنْ حَدَّثَكُمْ بحَدِيث دَاودَ عَلَى مَاتَرْويه القُصَّاصُ فاجلدوه مائةً وسينَ (جَلْدةً) وهو حّد الفِرية على الأنبياء، وما يقوي هذا انَّهُمْ لما قالوا: إن المغيرة بنَ شعبة زنى وشهد ثلاثةٌ من عدول الصحابة وأما الرابع فإنه لم يقل: إني رأيت ذلك بعيني فإن عمر بن الخطاب كذب أولئك الثلاثة وجلد كل واحد منهم ثمانين جلدة لأجل أنهم قذفوا، فإذا كان الحال في واحد من آحاد الصحابة كذلك فكيف الحال مع داود عليه (الصلاة و) السلام؟ {مع أنه كان من كابر الأنبياء - عليهم (الصلاة و) السلام -.

العاشر: رُوي أن بعضهم ذكر هذه القصة على ما في كتاب الله، ثم قال: فما بنبغي أن يزاد عليها وإن كنت الواقعة على ما ذكرت ثم إنه تعالى لم يذكرها لسَتْر تلك الواقعة على داود عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فلا يجوز للعاقل أن يسعى في هتك ستر ستره الله ألف سنة أو أقل أو أكثر فقال عمر: سماعي هذا الكلام أحب إلي ما طلعت عليه الشمسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>