وقرأ العامة بفتح الهمزة على أنه هو المُنَادِي بهذا اللفظ. وعيسى بن عُمَر بكسرها على إضمار القول أو على إجراء النداء مُجْرَاهُ.
قوله:{بِنُصْبٍ} قرأ العامة بالضم والسكون، فقيل: هو جمع نَصَب بفتحتين، نحو:(وثَن) وَوُثْنٍ وأَسد وأُسْدٍ وقيل: هو لغة في النَّصَب نحو: رَشَدٍ ورُشْد وحَزَنٍ وحُزْنٍ وعَدَم وعُدْمٍ. وأبو جعفر وشَيْبَةُ وحَفْصٌ ونافعٌ - في رواية - بضمتين - وهو تثقيل نُصْبٍ بضمةً وسكون، قاله الزمخشري. وفيه بعد لما تقرر أن مقُتْضَى اللغة تخفيف فُعُل كعُنُق لا تثقيل فُعْل كقُفُل. وفيه خلاف وقد تقدم في هذا العُسْر واليُسْر في البَقَرَة.
وقرأ أبو حيوة ويعقوب وحفصٌ - في رواية - بفتح وسكون وكلها بمعنى واحد وهو التّعب والشمقة.
فصل
النُّصُب المشقة والضر. قال قتادة ومقاتل: النصب في الجسد والعذاب في المال واعلم أن داود سُلَيْمَانَ - عليهما (الصلاة و) السلام - كانا ممن أفاض الله عليهما أصناف الآلاء والنَّعْمَاء، وأيوب كان ممن خصَّه الله تعالى بأنواع البلاء. والمقصود من جميع هذه القصص الاعتبار كأن الله تعالى قال: يا محمد اصْرِرْ على سفاهة قومِكَ فإنه ما كان في الدنيا أكثر نعمةً ومالاً وجاهاً أكثر من داودَ وسليمانَ، وما كان أكثر بلاءً ولا محنة من أيوب. فتأمل في أحوالِ هؤلاء لتعرف أنَّ أحوال الدنيا لا تنتظم لأحد وأن العاقل لا بدّ له من الصبر على المكاره.