أراد أن يعقب بذكر أهل النار ذكر أهل الجنة ثم قال:«هَذَا وإنَّ لِلطَّاغِين» وقيل: المراد هذا شرف وذكر جميل لهؤلاء الأنبياء يذكرون أبداً والصحيح الأول.
قوله:{وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} المآب المرجعُ، لما حكى سَفَاهَة قُرَيْش على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقولهم:«سَاحِر كَذَّاب» وقولهم له استهزاء: «عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا» ثم أمره بالصبر على سَفَاهَتهم واقتدائه بالأنبياء المذكورين في صبرهم على الشدائد والمكاره بين ههنا أن من أطاع الله كان له من الثواب كذا وكذا وكل من خالفه كان له من العقاب كذا وكذا. وذلك يوجب الصبر على تكاليف الله تعالى. وهذا نظم حسن، وترتيب لطيف.
قوله:{جَنَّاتِ عَدْنٍ} العامة على نصب «جنات» بدلاً من «حسن مآب» سواء كانت «جنات عدن» معرفة أم نكرة لأن المعرفة تبدل من النكرة وبالعكس، ويجوز أن تكون عطف بيان إن كانت نكرة ولا يجوز ذلك فيها إن كانت معرفةً.
(وقد جوز الزمخشري ذلك بعد حكمه) واستدلاله على أنها معرفة، وهذا كما تقدم له في مواضع يجيز عطف البيان وإن تخلفا تعريفاً وتنكيراً. وقد تقدم هذه في قوله تعالى:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ}[آل عمران: ٩٧] ويجوز أن ينتصب «جَنَّاتِ عَدْنٍ» بإضمار فعل، و «مُخَتَّحَةً» حال من «جَنَّات عَدْنٍ» أو نعت لها إن كانت نكرة.
وقال الزمخشري: حال، والعامل فيها ما في «المُتَّقِينَ» من معنى الفعل. انتهى.
وقد علل أبو البقاء بعلة في «مُتَّكِئِينَ» تقتضي مع «مفتحةً» أن تكونَ حالاً وإن كانت العلة غير صحيحة فقال: ولا يجوز أن تكون - يعني متكئين - حالاً من «للمتقين» ؛ لأنه قد أخبر عنهم قبل الحال وهذه العلة موجودة في جعل «مُفَتَّحةً حالاً من للمتقين كما ذكره الزمخشري إلاّ أنّ هذه العلة ليست صحيحة. وهو نظير قولك:» إنَّ لهندٍ لاً قائمةً «وأيضاً في عبارته تجوز فإن» للمتقين «لم يخبر