في «يَخْتَصِمُونَ» للملأ الأعلى هذا هو الظاهر، وقيل: لقُرَيْش أي يختصمون في الملأ الأعلى فبعضهم يقول: بنات الله، وبعضهم يقول غير ذلك فالتقدير إذْ يختصمون فيهم؛ (يعني) في شأنِ آدم، قال الله تعالى:{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا}[البقرة: ٣٠] .
فإن قيل: الملائكة لا يجوز أن يقال: إنهم اختصموا بسبب قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، والمخاصمة مع الله كفر.
فالجواب: لا شك أنه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة علة لجواز فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة عليه، ولما أمر الله تعالى محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يذكر هذا الكلام على سبيل الرمز أمره أن يقول:{إِن يوحى إِلَيَّ إِلَاّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} يعني أنا ما عرفت هذها لمخاصمة إلا بالوحي.
قوله:{إِلَاّ أَنَّمَآ أَنَاْ} العامة على فتح همزة «أنَّما» وفيها وجهان:
أحدهما: أنها مع ما في خبرها في محل رفع لقيامها مقام الفاعل أي ما يوحى إلَيَّ (إلا) الإنذار أو إلا كوني نذيراً مبيناً.
والثاني: أنها في محل نصب أو جر بعْدَ إسقاط لام العلة والقائمة مقام الفاعل على هذا الجار والمجرور أيْ ما يوحى إليّ إلاّ للإنذار، أو لكوني نذيراً، ويجوز أن يكون القائم مقام الفاعل على هذا ضميراً يدل عليه السياق أي ما يوحى إليّ ذَلِكَ الشيءُ إلا للإنذار. وقرأ أبو جعفر الكسر؛ لأن الوحي قول، قاله البغوي. وهي القائمة مقام الفاعل على سبيل الحكاية كأنه قيل: ما يُوحَى إلَيَّ إلا هذه