أحدهما: أنها على بابها من الترتيب بمهلة وذلك أنه يروى أنه تعالى أخرجنا من ظهر آدم كالذَّرِّ، ثم خلق حواء بعد ذلك بزمانٍ.
الثاني: أنها على بابها أيضاً ولكن لمَجْرَكٍ آخر وهو أن يعطف بها ما بعدها على ما فهم من الصفة في قوله «وَاحِدَةٍ» إذا التقدير من نفس وحِّدَتْ أي انفردت ثم جعل منها زوجها.
(الرابع: أنها للترتيب في الأحوال والرُّتَب، قال الزمخشري: فإن قُلْتَ: ما وجه قوله: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وما تعْطيه من التراخي؟ قلت: هما آيتان من جملة الآيات التي عددها دالاً على وحدانيته وقدرته بتشعيب هذا الخلق الثابت للحصر من نفس آدم عليه (الصلاة و) السلام وخلق حواء من قُصَيْرَاه إلا أنّ إحديهما جعلها الله عادة مستمرةً والأخرى لم تجر بها العادة ولم تخلق أنثى غير حواء من قُصَيْرَى رجل فكانت أدخل في كونها آية وأجْلَبَ لعَجَب السامع فعطفها «بِثُمَّ» على الآية الأولى للدلالة على مُبايَنَتِهَا فضلاً ومزيًّة وتراخيها عنها فيما يرجع إلى زيادة كونها آية فهي مِنَ التراخي في الحال والمنزلة لا من التراخي في الوجود.
قال ابن الخطيب: إن كلمة «ثمَّط كما تجيء لبيان تأخر أحد المكانين عن الآخر كقول القائل: بَلَغَنِي مَا صَنَعْتَ اليَوْمَ ثم ما صَنَعْتَ أَمْسِ أعْجَبُ، وأَعْطَيْتُكَ اليَوْمَ شَيْئاً ثُمَّ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ أَمْس أَكْثر.
قوله:{وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} عطف على» خَلَقَكُمْ «والإنزال يَحْتَمِلُ الحقيقةَ، يروى أنه خلقها في الجنة ثم أنزلها وَيحْتَمِلُ المجاز وله وجهان: