وقال أبو البقاء: إذا وقع بعدها المستقبل كانت للتحضيض، وإن وقع بعدها الماضي كانت للتوبيخ وهذا شيء يقوله علماء البيان، وهذه الجملة التخضيضية في محلّ نصب بالوقل.
قوله:{كَذَلِكَ قَالَ الذين} قد تقدم الكلام على نظيره فليطلب هناك.
وقرأ أبو حيوة، وابن أبي إسحاق:«تَشَّابَهَت» بتشديد الشين.
قال الدَّاني:«وذلك غير جائز؛ لأنه فعل ماض» ، يعني: أن التاءين المزيدتين إنما تجيثان في المضارع فتدغم أما الماضي فلا.
فصل في قبائح اليهود والنصارى والمشركين
هذا نوع آخر من قبائح اليهود والنصارى والمشركين، فإنهم قدحوا في التوحيد باتَّخاذ الولد، وَقَدَحُوا الآن في النبوّة.
قال ابن عباس:«هم اليهود» .
وقال مجاهد:«هم النصارى» لأنهم المذكورون أولاً، ويدلّ على أن المراد أهل الكتاب قوله تعالى:{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء فَقَدْ سَأَلُواْ موسى أَكْبَرَ مِن ذلك}[النساء: ١٥٣] .
فإن قيل: المراد مشركو العرب، لأنه تعالى وصفهم بأنهم لا يعلمون، وأهلب الكتاب أهل العلم.
[قلنا] : المراد أنهم لا يعلمون التوحيد والنبوة كما ينبغي، وأهل الكتاب كانوا كذلك.
وقال قتادة وأكثر المفسرين: هم مشركو العرب لقوله: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ الأولون}[الأنبياء: ٥] ، وقالوا:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الملائكة أَوْ نرى رَبَّنَا}[الفرقان: ٢١] .
وتقرير هذه الشبهة أنك تقول: إن الله تعالى يكلّم الملائكة وكلم موسى، ويقول: يا محمد إن الله تعالى كلّمك فلم يكلمنا مُشَافهة، ولا ينص على نبوتك