والثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف أي هُوَ مَثَانِي. كذا ذكره أبو حيان، وفيه نظر من حيث إنه كان ينبغي أن ينون تحذف ياؤه لالتقاء السَّاكِنَيْنِ، فيقال: مثانٍ كما تقول: هَؤُلَاءِ جَوَارٍ، وقد يقال: إنه وقف عليه ثم أجْري الوصل مُجْرَى الوقف لكن يعترض عليه بأن الوقف على المنقوص المنون بحذف الياء نحو: هذَا قَاض وإثباتها لغةً قَلِيلُ، ويمكن الجواب عنه بأنه قد قرئ بذلك في المتواتر نحو:{مِن وَالٍ}[الرعد: ١١] و {بَاقٍ}[النحل: ٩٦] و {هَادٍ}[الرعد: ٧] في قراءة ابن كَثِيرٍ.
فصل
تقدم تفسير الكتاب عند قوله:«ذَلِكَ الْكِتَابُ» وقوله: «مُتَشَابِهاً» أي يشبه بعضهُ بعضاً (في الحُسْن ويُصَدّق بعضهُ بعضاً) ليس فيه تناقضٌ ولا اختلاف، قاله ابن عباس، وقوله:{مَّثَانِيَ} جمع «مَثْنَى» أي يُثَنَّى فيه ذكرُ الوَعْدِ، والوعيد، والأمر، والنهي، والأخبار والأحكام، أو جمع «مَثْنَى مفعل من التَّثْنِية بمعنى التَّكرير، وإنما وصف كتاب وهو مفرد» بمَثَانِي «وهو جمع لأن الكتاب مُشْتَمِلٌ على سُوَةٍ وآياتٍ، وهو من باب: بُرْمَةٌ أعْشَارٌ، وثَوْبٌ أخْلَاقٌ. قاله الزمخشري وقيل: ثَمَّ موصوف محذوف أي فصولاً مَثَانِيَ، حذف للدلالة عليه، وقال ابن الخطيب: إن أكثر الأشياء المذكورة زَوْجَيْن زَوْجَيْن مثل الأمر، والنهي، والعام، والخاص، والمجمل، والمفصل، وأحوال