للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن يكون حالاً من المفعول في «أَرْسَلْنَاكَ» أي: أرسلناك ملتبساً بالحق.

الثالث: أن يكون حالاً من الفاعل، أي: ملتبسين في الحق.

وفيه وجوه:

أحدها: أنه الصدق كقوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} [يونس: ٥٣] أي: صدق وقال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهما: «بالقرآن» ، لقوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُواْ بالحق لَمَّا جَآءَهُمْ} [ق: ٥] .

وقال ابن كيسان: «بالإسلام وشرائعه» ، لقوله تعالى: {وَقُلْ جَآءَ الحق} [الإسراء: ٨١] ، وقال مقاتل: «لم نُرسِلْك عبثاً وإنما أرسناك بالحق» لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {مَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلَاّ بالحق} [الأحقاف: ٣] وعلى هذه الأقوال في تعلّق هذا الجار وجوه:

أحدها: أنه متعلق بالإرسال.

وثانيها: أنه متعلّق بالبشير والنذير أي: أنت مبشر بالحق ومنذر به.

وثالثها: أن يكون المراد من الحق الدين والقرآن، أي أرسلناك بالقرآن حال كونك بشيراً لمن أطاع الله بالثواب، ونذيراً لمن كفر بالعقاب، والأولى أن يكون البشير والنذير حالاً من الرسول، أي: أرسلناك بالحق لتكون بشيراً ونذيراً لمن اتبعك [ونذيراً لمن كفر بك] ويجوز أن يكون بشيراً ونذيراً حالاً من «الحق» ؛ لأنه يوصف أيضاً بالبشارة والنَّذَارة، وبشير ونذير على صيغة «فعيل» .

أما بشير فتقول: هو من بَشَرَ مخففاً؛ لأنه مسموع فيهن و «فعيل» مطرد من الثلاثي.

وأما: «نذير» فمن الرباعي، ولا ينقاس عَدْل مُفْعِل إلى فَعِيل، إلا أن له هنا مُحَسِّناً.

قوله تعالى: «وَلَا تُسْأَلُ» قرأ الجمهور: «تُسْأَلُ» مبنيًّا للمعفول مع رفع الفعل معلى النفي، وفي معنى هذه القراءة وجوه:

أحدها: أن مصيرهم إلى الجحيم، فمعصيتهم لا تضّرك، ولست مسؤولاً عن ذلك، وهنو كقوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب} [الرعد: ٤٠] وقوله: {عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ} [النور: ٥٤] .

الثاني: أنك هَادٍ وليسي لك من الأمر شيء، ولا تَغْتَمّ لكفرهم ومصيرهم إلى العذاب، ونظيره قوله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: ٨] .

الثالث: أنك لا تسأل عن ذَنْب غيرك ويعضد هذه القراءة قراءة أُبَيّ: «وما تسأل» ، وقراءة عبد الله «ولن تسأل» .

<<  <  ج: ص:  >  >>