وقال النَّحاسك «تَتَّبع» منصوب ب «حتى» ، و «حتى» بدل من «أن» .
فصل في أن الكفر ملّة واحدة
دلت هذه الآية على أن الكفر ملّة واحدة لقوله تعالى:«مِلَّتَهُمْ» فوحّد الملّة، وبقوله تعالى:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: ٦] ، وأمّا قوله صلوات الله وسلامه عليه:«لا يتوارَثُ أَهْل ملّتين شيء» المراد به الإسلام والكفر بدليل قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «لا يُوَرّثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلا الكَافِرُ المُسْلِمَ» ثم قال تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى}[البقرة: ١٢٠] يعني الإسلام هو الهدى الحقّ الذى يصح أن يسمى هدى، وهو الهدى كله ليس وراء هدى.
قوله تعالى:«هو» يجوز في «هو» أن يكون فصلاً أو مبتدأ، وما بعده خبره، ولا يجوز أن يكون بدلاً من «هُدَى اللهِ» لمجيئه بصيغة الرفع.
وأجاز أبو البقاء رَحِمَهُ اللهُ تعالى فيه أن يكون توكيداً لاسم «إن» ، وهذا لا يجوز فإن المضمر لا يؤكّد المظهر.
قوله:«وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ» هذه تسمى «اللام» الموطِّئَة للقسم، وعلامتها أن تقع قبل أدوات الشرط، وأكثر مجيئها مع «إن» وقد تأتي مع غيرها نحو: {لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ}[آل عمران: ٨١] ، {لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ}{مَا لَكَ مِنَ الله مِن وَلِيٍّ} وحذف جواب الشَّرْط، ولو أجيب الشرط لوجبت «الفاء» وقد تحذف هذه «اللَاّم» ويعمل بمقتضاها، فيجاب القسم نحو قوله تعالى:{وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ}[المائدة: ٧٣] .
والأهواء جمع هوى، كما تقول:«جمل وأجمال» ، ولما كانت مختلفة جمعت، ولو حمل على أفراد الملة لقال: هواهم. قوله:«مِن العِلْمِ» في محلّ نصب على الحال من فاعل «جَاءَكَ» و «مِن» للتبعيض، أي جاءك حال كونه بعَ العلم.
فصل في المراد بهذا الخطاب
قيل: المراد بهذا الخطاب الأمة كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] ،