قوله:{وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} العامة على رفع {وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} وهي جملة من مبتدأ وخبر، وفي محلها وجهان:
أحدهما: النصب على الحال من الموصول لأن الرؤية بصرية، وكذا أعربها الزمخشري ومنْ مذهبه أنه لا يجوز إسقاط الواو من مثلها إلا شاذاً تابعاً في ذلك الفراء، فهذا رجوع منع عن ذلك.
والثاني: أنها في محل نصب مفعولاً ثانياً، لأن الرؤية قلبية وهي بعيد لأن تعلق الرؤية البصرية بالأجسام وألوانها أظهر من تعلق القلبية بهما، وقرئ:«وُجُوهَُمْ مُسْوَدَّةً» بنصبهما على أن «وجوهم» بدل بعض من «كل» ، و «مسودة» على ما تقدم من النصب على الحال أو على المفعول الثاني.
وقال أبو البقاء: ولو قرئ وجوهم بالنصب لكان على بدل الاشتمال، قال شهاب الدين: قد قرئ به والحمد لله ولكن ليس كما قال: على بدل الاشتمال بل على بدل البعض، وكأنه سبقُ لسانٍ أو طُغْيَانُ قَلَم. وقرأ أبيّ أُجُوهُهُمْ بقلب الواو همزةً وهو فصيح نحو:{أُقِّتَتْ}[المرسلات: ١١] وبابه، وقوله:{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} عن الإيمان.
قوله:{وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا بِمَفَازَتِهِمْ} قرأ الأَخوان وأبو بكر بمَفازَتهم جمعاً لمَّا اختفت أنواع المصدر جُمْعَ كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا}[الأحزاب: ١٠] ، ولأن لكل متق نوعاً آخر من المفازة، والباقون بالإفراد على الأصل.