العبد لو وقع بخلق العبد لكان الفعل غير موكول إلى الله تعالى فلم يكن الله وكيلاً عليه ينافي عموم الآية.
قوله:{لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض}«له مقاليد» جملة مستأنفة، والمقاليد جمع مِقْلَاد أو مقْليد، ولا واحد له من لفظه كأساطير وإخوته، ويقال أيضاً إقليد وهي المفاتيح، والكلمة فارسية معربة. وفي هذا الكلام استعارة بديعة نحو قولك: بيد فلان مفتاح هذا الأمر، وليس ثم مفتاح، وإنما هو عبارة عن شدة تمكنه من ذلك الشيء.
قال الزمخشري: قيل سأل عثمانُ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن تفسير قوله:«له مقاليد السموات والأرض» فقال: يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك تفسيرها لا إله إلا الله، والله أكبر وسبحان الله وبحمده (و) أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحي ويميت وهو على كل شيء قدير.
وقال قتادة ومقاتل: مفاتيح السموات والأرض بالرزق والرحمة، وقال الكلبي خزائن المطر والنبات.
قوله:{والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله أولئك هُمُ الخاسرون} وهذا يقتضي أنه لا خاسر إلا الكافر وأن من لم يكن كافراً فإنه لا بد وأن يحصل له حظ من رحمة الله قال الزمخشري: فإن قلت: بِمَ اتصل قوله «والذين كفروا بآيات الله» بقوله «له مقاليد السموات والأرض» ؟ قلت: إنه اتصل بقوله:
{وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا}[الزمر: ١٦] أي ينجي الله المتقين بمفازتهم، والذين كفروا هم الخَاسِرون واعترض ما بينهما أنه خالق الأشياء كلها وأنه له مقاليد السموات والأرض.
قال ابن الخطيب: وهذا عندي ضعيف من وجهين:
الأول: أن قوع الفصل الكثير بين المعطوف عليه بعيد.
الثاني: أن قوله: {وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا}[الزمر: ٦١] وقوله: {والذين كَفَرُواْ