وغيرهما أنه متى اجتمع نون الرفع مع نون الوقاية جاز ذلك أوجه وتقدم تحقيق الخلاف في أيتهما المحذوفة.
قال مقاتل: وذلك حين قاله له المشركون: دَعْ دينك واتبع دين آبائك ونؤمن بإلَهك، ونظير هذه الآية:{قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً}[الأنعام: ١٤] وتقدم في تلك الآية وجه الحكمة في تقدم المفعول ووصفهم بالجهل لأنه تقدم وصف الإله بكونه خالقاً للأشياء كلها وبكونه له مقاليد السموات والأرض وكون هذه الأصنام جمادات لا تَضُرُّ ولا تنفع فمن أعْرَض عن عبادة الإله الموصوف بتلك الصفات المقدسة الشريقة واشتغل بعبادة الأصنام الخَسيسَة فقد بلغ في الجهل مبلغاً لا مزيدة عليه، فلهذا قال:{أَيُّهَا الجاهلون} .
قوله:{وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الذي عملت قبل الشرك، واعلم أن الظاهر (أن) قوله» لَئِنْ أَشْرَكْتَ «هذه الجملة هي القائمة مقام الفاعل لأنها هي الموحاة وأصول البصريين تأبى ذلك، ويقدرون أن القائم مقامه ضمير المصدرلأن الجملة لا تكون فاعلاً عندهم والقائم هنا مقام الفاعل الجار والمجرور وهو» إليكَ «وقرئ ليُحْبِطنَّ - بضم الياء وكسر الباء - أي الله ولنُحْبطَنًَّ بنون العظمة (وليُحْبَطَنّ) على البناء للمفعول و» عملك «مفعول به على القراءتين الأوليين ومرفوع على الثالثة لقيامه مقام الفاعل.
قال ابن الخطيب: واللام الأولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب.
فإن قيل: كيف أوحي إليه وإلى من قبله حال شركه على التعيين؟ .
فالجواب: تقرير الآية أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك مثله أي أوحي (إليك) وإلى كل أحد منهم لئن أشركت كما تقول: كَسَانَا حُلّة: أي كل واحد منا.
فإن قيل: كيف صَحَّ هذا الكلام مع علم الله تعالى أن رسله لا يشركون ولا يحبط أعمالهم.