وكانوا أربعين رجلاً اثنان وثلاثون من «الحبشة» وثمانية من رهبان «الشام» منهم بحيرى.
وقال الضحاك: هو من آمن من اليهود: عبد الله بن سلام، وشعبة بن عمرو، وتمام ابن يهوذا، وأسيد وأسد ابنا كعب وابن تامين، وعبد الله بن صوريا. دليل هذين التأويلين تقدم ذكر الكتاب.
وقال قتادة وعكرمة: هم المؤمنون عامة لقوله: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} هذا حثّ وترغيب في تلاوة هذا الكتاب، وهذا شأن القرآن؛ لأن التوراة والإنجيل لا يجوز قراءتهما، وأيضاً قوله:{يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فأولئك هُمُ الخاسرون} وهذا الوصف لا يليق إلا بالقرآن.
والتلاوة لها معنيان:
أحدهما: الاتباع فعلاً؛ لأن من اتبع غيره يقال: تلاه فعلاً، قال تعالى:{والقمر إِذَا تَلَاهَا}[الشمس: ٢] .
والثاني: القراءة.
وفي حق التلاوة وجوه:
أحدها: أنهم يدبّروه، فعلموا بموجبه [حتى تمسّكوا بأحكامه من حلال وحرام وغيرهما] .
وثانيها: أنهم خضعوا عند تلاوته.
وثالثها: أنهم عملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وتوقفوا فيما أشكل عليهم منه، وفوضوه إلى الله تعالى.
ورابعها: يقرءونه كما أنزل الهل، ولا يحرفونه، ولا يتأولونه على غير حق.
وخامسها: روي عن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْه هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوا، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا.
وسادسها: المراد أن تحمل الآية على كل هذه الوجوه؛ لأنها مشتركة في مفهوم واحد، وهو تعظيمها، والانقياد لها.