دينكم} ثم أتبعه بذكر فساد الدنيا فقال أو أن يظهر في الأرض الفاسد.
قوله:{وَقَالَ موسى إِنِّي عُذْتُ} قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة واكسائي عُدتّ بإدغام الذال، والباقون بالإظهار. وقوله «لَا يُؤْمِنُ» صفة «لِمُتَكَبِّرٍ» .
فصل
لما توعد فرعونُ موسى بالقتل لم يأت في دفع شره إلا بأن استعاذ بالله واعتمد على فضل الله فلا جَرَمَ صانه الله وحفظه منه. واعلم أن الموجب للإقدام على أيذاء الناء أمران:
أحدهما: كون الإنسان متكبراً قاسِيَ القلب.
والثاني: كونه منكراً للعبث والقيامة.
لأن المتكبر القاسي القلب قد يحمله طبعه على إيذاء الناس إلا أنه إذا كان مقرّاً بالبعث والحساب صار خوفه من الحساب مانعاً له من الجري على موجب تكبّره فإذا لم يحصل له الإيمان بالبعث والقيامة كان طبعه داعياً له إلى الإيذاء، لأن المانع وهو الخوف من السؤال والحساب زائلٌ فلا جَرَمَ تعظيم القَسْوةُ والإيذاء.
وقوله:{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} اختلفوا في هذا المؤمن، قال مقاتل والسدي: كان قبطياً. (وقيل) ابن فرعون، وهو الذي حكى الله عنه {وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى المدينة يسعى}[القصص: ٢٠] وقيل: كان إسرائيلياً، روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: الصديقون حبيب النجار مؤمن آل ياسين ومؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، والثالث أبو بكر الصديق وهو أفضلهم، وعن جعفر بن محمد أنه قال: كان أبو بكر خيرا من مؤمن آل فرعون، لأنه كان يكتم إيمانه، وقال أبو بكر جهاراً أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وكان ذلك سراً، وهذا جهراً. روى عروةُ بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشد ما صنعهُ المشركون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «بَيْنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عبقةُ بن أبي مُعَيْط فأخذ يمنكب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً وأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟» .
قال بان عباس وأكثر العلماء كان اسم الجرل خزييل. وقال ابن إسحاق جبريل، وقيل حبيب.