قد تقدم الكلام في الطبع، والرَّيْنِ، والقَسوة، قال أهل السنة: قوله: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله} يدل على أن الكل مِنْ عند الله. وقالت المعتزلة: الآية تدل على أن هذا الطبع إنما حصل، لأنه كان في نفسه متكبراً جباراً. قال ابن الخطيب: وعند هذا تصيِرُ الآية حجة لكل واحد من الفريقين من وجه، وعليه من وجه آخر، والقول الثاني يخرج عليه رُجْحَانُ مذهبنا، وهو أنه تعالى يخلق دواعي الكبر والرياسة في القلب فتصير تلك الدواعي مانعة من حصول ما يدعو إلى الطاعة، والانقياد لأمر الله، فيكون القول بالقضاء والقدر حقاً، فيكون تعليل القلب بكونه متكبراً متجبراً باقياً، فثبت أن القول بالقضاء والقدر هو ما ينطبق عليه لفظ القرآن من أوله لي آخره.
فصل
قال مقاتل: الفرق بين المتكبر، والجبار، أن المتكبر عن قبول التوحيد، والجبار في غير حق. قال ابن الخطيب: كما السعادة في أمرين: التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله فعلى قول مقاتل المتكبر كالمضاد للتعظيم لأمر الله، والجبروت كالمضاد للشفقة على خلق الله.