يعني بنصب «بادي» . وهذا هو مذهب الأخفش، إلا أن الزمخشري منع من ذلك، قال رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإن قُلْتَ: هل يجوز أن يكون «كلاًّ» حالاً، قد عمل فيهِ «فيها» ؟ قُلْتُ: لا؛ لأن الظرف لا يعمل في الحال متقدمةً كما يعمل في الظرف متقدماً، تقول: كُلَّ يَوْمٍ لَكَ ثَوْبٌ، ولا تقول: قائماً في الدَّارِ زَيْدٌ، قال أبو حيان: وهذا الذي منعه أجازه الأخفش، إذا توسعت الحال، نحو: زيدٌ قائماً في الدار، وزيد قائماً عندك.
والمثال الذي ذكره ليس مطابقاً لما في الآية؛ لأن الآية تقدم فيها المسند إليه الحكم وهو اسم إن، وتوسطت الحال إذا قلنا: إنها حال، وتأخر العامل فيها. وأما تمثيله بقوله:«ولا تقول قائماً في الدَّارِ زيْد» فقد تأخر فيه المسند والمسند إليه، وقد ذكر بعضهم: أن المنع في ذلك إجماع من النحاة.
قال شهاب الدين: الزمخشري منعه صحيح؛ لأنه ماشٍ على مذهب الجمهور وأما تمثيله بما ذكر فلا يضره؛ لأنه في محل المنع، فعدم تجويزه صحيح.
الثالث: أن «كُلاًّ» بدل من «نَا» في «إنَّا» ؛ لأن «كُلاًّ» قد وَليَت العَوامِلَ فكأنه قيل: إنّ كُلاًّ فيها وإذا كانوا قد تأولوا قوله:
و «حَوْلاً أجْمَعَا» على البدل مع تصرف أكْتَعَ وأجْمَعَ؛ فلأن ذلك في «كّلّ» أولى وأجدى. وأيضاً فإن المشهور تعريف «كُلّ» حال قطعها، حكي في الكثير الفَاشِي: مررت بكُلِّ قائماً وبِبَعْضٍ جالساً، وعزاه بعضهم لسيبويه.
وتنكير «كل» ونصبها حالاً في غاية الشذوذ، نحو:«مَرَرْتُ بِهِمْ كُلاًّ» أي جميعاً.
فإن قيل: فيه بدل الكل من الكل في ضمير الحاضر وهو لا يجوز.