يقول الرجل لمن لا يسمع نصحه: إلى أين يُذْهَبُ بك؟! تعجباً من غفلته.
قوله:«الذين كذبوا» ، يجوز فيه أوجه، أن يكون بدلاً من الموصول قبله، أو بياناً له أو نعتاً أو خبر مبتدأ محذوف، أو منصوباً على الذم، وعلى هذه الأوجه، فقوله:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} جملة مستأنفة، سيقت للتهديد.
ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر الجملة من قوله:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} ودخول الفاء فيه واضح.
فصل
المعنى هم الذي كذبوا بالكتاب أي بالقرآن وبما أرسلنا به رسلنا من سائر الكتب؛ قيل: هم المشركون. وعن محمد بن سِيرِين وجماعة: أنها نزلت في القَدَرِيَّة.
قوله:{إِذِ الأغلال} فيه سؤال، هو أن «سوفَ» للاستقبال، و «إِذْ» للماضي، فقوله:{فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم} مثل قولك: سَوْفَ أَصُمُ أَمْسِ، والجواب: جوزوا في «إذ» هذه أن تكمون بمعنى «إذا» ؛ لأن العامل فيها محقق الاستقابل وهو فسوف يعلمون.
قالوا: وكما تقع «إذَا» موضع إِذْ في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا}[الجمعة: ١١] كذلك تقع إِذْ مَوْقِعَهَا.
وقد مضى نَحْوٌ من هذا في البقرة عند قوله تعالى:{وَلَوْ يَرَى الذين ظلموا إِذْ يَرَوْنَ العذاب}[البقرة: ١٦٥] قالوا: والذي حسن هذا تيقن وقوع الفعل، فأخرج في صورة الماضي.
قال شهاب الدين: ولا حاجة إلى إخْراج «إِذْ: عن موضوعها؛ بل هي باقية على دَلَالتِهَا على المعنى، وهي منصوبة بقوله:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} نصب المفعول به، أي فسوف يعلمون يوم القيامة وقت الأغلال في أعناقهم أيْ وقتَ سببِ الأغلال، وهي المعاصي التي كانوا يفعلونها في الدنيا، كأنه قيل: سيعرفون وقت معاصيهم التي تَجْعَلُ الأغلال في أعناقهم وهو وجه واضح غاية ما فيه التصرفُ في إذ يجعلها. وهو وجه واضح غاية في ما فيه التصرف في إذ يجعلها مفعولاً بها. ولا يضر ذلك، فإن المعربين