احتج بعضهم على أن مانع الزكاة كافر بهذه الآية فقال: إن الله تعالى لما ذكر هذه الصفة ذكر قبلها ما يوجب الكفر وهو قوله: «وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ» وذكر بعدها ما يوجب الكفر وهو قوله: {وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ} فلو لم يكن منع الزكاة كفراً لكان ذكره فيما بين الصفتين الموجبتين للكفر قبيحاً؛ لأن الكلام إنما يكون فصيحاً إذا كانت المناسبة مرعيةً بين أجزائه، ثم أكدوا ذلك بأن أبا بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه حكم بكفر مانعي الزكاة. قال ابن الخطيب: والجواب أنه ثبت بالدليل أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، وهما حاصلان عند عدم إيتاء الزكاة، فلم يلزم حُصُول الكفر بسبب عدم إيتاء الزكاة والله أعلم.
قوله:{إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما غير مقطوع، من قولك: مننتُ الحبلَ أي قطعتُهُ، ومنه قولهم:«قَد مَنَّهُ السَّفرَ» أي قطعه وأنشدوا:
٤٣٥٢ - فَضْلَ الجَوَادِ على الخَيْلِ البِطَاءِ فَلَا ... يُعْطِي بذلك مَمْنُوناً وَلَا نَزِقَا
وقال مقاتل: غير منقوص، ومنه المنون لأنه ينقص منة الإنسان وقوته، وأنشدوا لذي الإصبع العُدواني:
٤٣٥٣ - إنِّي لَعَمْرُكَ مَا بَابِي بِذِي غَلَقٍ ... على الصَّدِيقِ ولا خَيرِي بِمَمْنُونِ
وقيل: غير ممنون به عليهم؛ لأن عطاء الله لا يُمَنُّ به إنما يَمُنُّ المخلوق. وقال مجاهد: غير محسوب وقال السُّدِّيّ: نزلت هذه الآية في المَرْضَى والزَّمنى والهَزْمَى إذا عجزوا عن الطاعة يكتبه لهم الأجرُ كأصح ما كانوا يعلمون فيه.
روي عن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إن العبد إذا